للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أطلق من غير تقييد بنحو وحده مما أن يشعر بقطع الشركة أو مما يشعر بقطع التردد من قولك: بلا شبهة وبلا تردد، أو قطعا، ومن البين أن ما ذكره إنما يستقيم مع إطلاق العطف حتى لو قيل: جاءني زيد لا عمرو أيضا لكان بقطع الشركة، فلا مناقشة مع السكاكي في الحكم، بل في المثال حيث فات منه التقييد، ونازع السيد السند فيما ذكره في إنما بأن المتبادر من النفي والاستثناء قطع الشركة ذكره إنما يتم لو لم تكن إنما بمعنى ما وإلا كما اشتهر، بل بمعنى العطف، ونحن نقول: لعل كلام الشيخ مبين على أن المتبادر من التخطئة، التخطئة من كل وجه، وذلك في قصر القلب، فما ذكره من تبادر قصر القلب جاز في الجميع، وتشبيه إنما بالعطف كلام على سبيل التمثيل (لتضمنه معنى ما وإلا) علة لكون إنما من طرق القصر وكان الأولى أن يقدم على هذه الدعوى، ودليله بيان وجه كون النفي والاستثناء مفيدا للقصر، فذكره بعد ذلك كما فعله فوت لترتيب الكلام.

والتقديم أيضا من طرق القصر، لتضمنه معنى ما وإلا، ولهذا فسر الأئمة قولهم: «شرّ أهرّ ذا ناب» ب: ما أهرّ ذا ناب إلا شرّ، فتخصيص إنما بهذا التعليل تخصيص بلا مخصص إلا أن يقال: خصه بالتعليل للإشارة إلى رد ما ذكره بعض الأصوليين من أن وجه إفادته القصر أن ما نافية وأن للإثبات، ولا يرجع النفي والإثبات إلى ما بعده لظهور التناقض، فأحدهما راجع إلى ما بعده والآخر إلى ما عداه، وكون ما راجعا إلى ما بعده خلاف الإجماع، فيتعين الإثبات لما بعده والنفي لما عداه، وإنما رده لكونه تكلفا بعيدا عن الاختيار، وليس تخصيصه بالتعليل لما أن بعض الأصوليين أنكروا كونه مفيدا للقصر تمسكا بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إنما الأعمال بالنيات) (١) وبقوله: إنما الولاء بالعتق (٢)، على ما نقله الرضى في بحث وجوب تقديم الفاعل؛ لأن كون التقديم أيضا مفيدا للقصر مما خالف فيه الشيخ ابن الحاجب على ما مر، وقد استدل على تضمنه ما وإلا بأوجه ثلاثة إشارة إلى الأول بقوله (لقول المفسرين) وكأنه استدل بإجماعهم، فإن قلت: التفسير مستمد من هذا الفن، فكيف يتمسك صاحب


(١) البخاري برقم (١).
(٢) مسلم برقم (١٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>