مرادهم الإشارة إلى أن المثبت يجب أن يكون مذكورا بعده، والمنفي غير مذكور، لا إلى تعيين المنفي، ولا يخفى أن قول النحاة أشبه بقول الأصوليين من أن إن فيه لإثبات ما ذكره بعده وما لنفي ما سوى المذكور فذكره لاثبات تضمن أنها بمعنى ما وإلا في مقام رد أن تكون إن وما محل نظر، نعم، يتم ما ذكره الشارح في شرح المفتاح من الاستدلال بعموم النكرة بعدها، كما في قوله عليه السّلام (إنما لامرىء ما نوى)(١) فإنه يدل على ورود نفيه على ما ذكر بعده، وذلك إنما يتحقق لتضمنه النفي، لا لكون ما للنفي، إذ لو كان ما للنفي لوجب أن يقال:
إنما لامرىء غير ما نوى، وكذا ما ذكره في هذا الشرح من الاستدلال بصحة عمل الصفة في: إنما قائم أبوك، على ما صرح به بعض النحاة، نعم، يتجه على قول هذا البعض أنه كيف عمل الصفة ولم يعتمد على النفي حين العمل في أبوك لانتقاض النفي بمعنى إلا وأشار إلى الثالث بقوله:(ولصحة انفصال الضمير معه) أي: مع إنما في مقام لا يصح الفصل بدون إنما مع أنه لا يتصور من مواقع صحة انفصال الضمير معه إلا فصل الضمير من عامله لغرض، فيقال: إنما يقوم في الدار أنا، ولولا أن أنا في المعنى بعد إلا لوجب أن يقال: إنما أقوم في الدار، وكأنه قال: لصحة انفصال الضمير، ولم يقل: ولوجوب انفصال الضمير معه، مع أنه أدل على المطلوب لتردده في الوجوب؛ لأن الضمير معه ذو وجهين، الاتصال بحسب الظاهر والفصل في المعنى، فالقياس أن يجوز العمل بالوجهين.
وقال الشارح في شرح المفتاح: الظاهر وجوب الفصل؛ إذ لو قيل: إنما أقوم لكان المعنى ما أنا إلا أقوم، وإنما يعلم كون الفاعل المقصور عليه لو قيل: إنما أقوم أنا، وفيه بحث؛ لأن الجزء الأخير في إنما أقوم هو الفاعل لا المسند، وكأنه وقع فيه من كلام الشيخ حيث قال: لو قال إنما أدافع عن أحسابهم لم يكن المقصور عليه المتكلم، بل قوله: عن أحسابهم، ولكن ما قاله الشيخ إلا لأنه لو أضمر المتكلم في الفعل لم يبق جزءا أخيرا، ويصير الجزء الأخير المتعلق، وقال السيد السند: لا كلام في وجوب الانفصال إذا كان للفعل متعلق إنما الكلام في مثل إنما أقوم، وهو محل التوقف هذا، أقول: كلام النحاة يحكم بوجوب الانفصال، فإنهم حكموا بأنه لا يجوز المنفصل إلا لتعذر المتصل، وعدوا منه الفصل لغرض،