طبق هذه الأربعة، فكل قيد يراد في الشرط يذكر في الطلب، فيقال عند إرادة إن تكرمني قائما أكرمني قائما، وعند إرادة إن تكرمني في الدار أكرمني في الدار وهكذا، والمراد جواز تقدير الشرط مطلقا لأن هذه الأربعة قرائن بخلاف الحذف في غيرها، فإنه لا يصح إطلاق الحذف فيه؛ إذ قد توجد قرينة وقد لا توجد، فالضابط فيه وجود القرينة، والضابط في هذه الأربعة وجود أحدها؛ لا لأنه يستغني الحذف معها عن القرينة، بل لعدم انفكاكها عن القرينة، فليس مقابلة قوله: وفي غيرها لقرينة، مع قوله وهذه الأربعة ... إلخ. باعتبار وجود القرينة وعدمها كما يوهمه ظاهر عبارته، وتحقيق القرينة مع الأربعة بما قيل من أن الطلب لكونه فعلا اختياريا لا بد له من حامل عليه، وذلك الحامل هو إما المطلوب المقصود لذاته، وإما غيره إذا كان المطلوب مقصودا لغيره وهو الأكثر؛ لأن أكثر الاشياء يطلب لغيره غالبا، فإذا سمع الطلب يتوقع بيان مسببه بحسب الخارج لمطلوبه المذكور حامل على هذا الطلب بتصوره، وهذا هو العلة الغائبة التي قالوا في شأنها: أول الفكر آخر العمل وقد نظمه نظما حسنا من قال:
نعم ما قال زمرة الدّول ... أوّل الفكر آخر العمل
فإذا جاء بعد الأربعة ما يصلح سببا للطلب، لتفرعه على المطلوب بجعل مسببا له، وهذا معنى الشرط والجزاء، فيقدر الشرط إظهارا للسببية المقصودة، ولما قيل من أن كل كلام لا بد فيه من حامل للمتكلم عليه في قاعدة التكلم، فإن التكلم في قاعدة البيان في الكلام الخبري، لإفادة مضمون، وفي الطلبي للطلب المتعلق بما هو مقصود لذاته قليلا وبما هو مقصود لغيره غالبا، فإذا ذكر ذلك الغير بعد ما فيه معنى الطلب فهم إرادة ترتبه على المطلوب، وهذا معنى الشرط والجزاء، ولا يخفى تميز هذا الوجه عن الأول، لأن الأول مبني على أن الطلب فعل اختياري لا بد له من حامل عليه والثاني أن الكلام في عرف أرباب اللسان لا بد له من حامل عليه، سواء كان ما يفيده طلبا أو غيره، والسيد السند ظن أنهما وجه واحد وخطأ الشارح المحقق حيث جعلهما وجهين، فجواز تقدير الشرط بشرطين التفرع المذكور وقصد السببية وكأنه دل عليه بالأمثلة، ولا يذهب عليك أن حذف الشرط من مباحث الإيجاز، وليس له تعلق بهذا المقام، والبحث عنه هنا من فضول الكلام (كقولك: ليت لي مالا أنفقه أي إن أرزقه) الأولى أن