للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنا معكم (شبا الثبات) (١) على اليهودية، وإنما نحن مستهزئون تحقير ضد اليهودية، ودفع الاعتداد به، ودفع نقيض الشيء تأكيد له، أو لأن معنى إِنَّا مَعَكُمْ المعية قلبا، وهو يستلزم مخالفة أصحاب محمد معنى، والموافقة صورة. وهو الاستهزاء، فيؤكده إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (٢)، أو جعله استئنافا في جواب ما بالكم، إن صح إنكم معنا توافقون أهل الإسلام، قال وعلى أي تقدير لا يصح عطفه على إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ؛ لأنه ليس مقولا لهم، ولا يصلح أن يكون تأكيدا أو تتمة الجواب عن سؤالهم، ومن المباحث النفيسة التي خفيت إلى الآن أن فصل اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ من قوله إِنَّا مَعَكُمْ لا ينبغي أن يكون من هذا الفن؛ لأنه للاحتراز عن ضعف التأليف؛ لأن عدم قصد التشريك هنا لئلا يفسد أصل المعنى بناء على قاعدة العطف فيما بين النحاة صحة التشريك فالتمثيل به خال عن التحصيل، ومثال ما نحن فيه زيد ضرب ذهب لم يعطف ذهب على ضرب، مع أنه يصح أصل المعنى في قصد التشريك، ولا يخالف قاعدة النحو المشهورة؛ لئلا يشارك الحكم السابق في القصر.

(وعلى الثاني) أي: على تقدير أن لا يكون للأولى محل من الإعراب (إن قصد ربطها بها على معنى عاطف) لم يقل على عاطف (سوى الواو) وأدرج المعنى ليدخل فيه الواو بمعنى أو ويخرج ثم واو بمعنى الواو (عطفت) به لا بد من اشتراط أن لا يكون للأولى حكم لا يجرى في الثانية فتأمل (نحو: دخل زيد فخرج عمرو أو ثم خرج عمرو إذا قصد التعقيب أو المهلة) الصواب إذا قصد التعقيب بلا مهلة أو بمهلة، والعاطف الذي يقصد به عطف جمل، لا محل لها من الإعراب مما سوى الواو ما سوى لا وحتى فإنهما مختصان بالمفردات إلا أنه يعطف بلا المضارع على المضارع فيقال: أقوم لا أقعد لمضارعته الاسم كذا في الرضى.

وقال السيد السند: إن وجه اختصاص حتى بالمفردات امتناع وجود شرطها، وهو كون ما بعدها جزأ مما قبلها أضعف أو أقوى ولا تحقق له في الجمل أصلا، وفيه بحث؛ لأنهم ذكروا في قوله تعالى: أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ


(١) رسمت بالأصل (شبا الت) وأظنه تحريفا.
(٢) البقرة: ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>