للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوضوح، وهو خفي جدّا، لأنه هين على الميسر لما خلق له بتيسير ملهم كل أحد ما يشاء، فإن الاختلاف في الوضوح والخفاء، كما يكون باعتبار قرب المعنى المجازي وبعده من المعنى الحقيقي، ويكون بوضوح القرينة المنصوبة وخفائها، فلا محالة بتحقق المعاني المختلفة وضوحا وخفاء، ولو باعتبار القرائن التي نصبها في تصرف البليغ، فتقييد إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة، بقولنا: على تقدير أن يكون لها طرق مختلفة مما لا حاجة إليه.

نعم يتجه عليه أنه كما أن الاقتدار على إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة بين مزايا البلاغة، كذلك الاقتدار على إيراده بطرق متساوية في الوضوح، فلا معنى لإدخال الأول تحت البيان دون الثاني إلا أن يقال: قصد تعريف البيان بخاصة شاملة للمعرف، ولا يلزم منه أن يكون كل ما يغاير هذه الخاصة خارجا عن وظائف البيان.

(مختلفة) تشتمل المختلفة في الكلمات التي هي أجزاء المركبات، والمختلفة في وضوح الدلالة، والإيراد بالطرق المختلفة في الأول ليس من البيان في شيء فأخرجه بقوله (في وضوح الدلالة) إما لأنه أراد بالدلالة الدلالة العقلية، وبه حكم الشارح متمسكا بما سيأتي من أن الاختلاف المذكور لا يجرى إلا في الدلالات العقلية، وإما لأن الاختلاف في وضوح الدلالة يخص الدلالة العقلية فلا حاجة إلى تقييد الدلالة بالعقلية لإخراج الطرق المختلفة بالعبارة.

وقد وفينا بما وعدنا فلا تغفل عن الموعد، وترك في التعريف ما يقابل في وضوح الدلالة أعني: وخفائها وإن ذكر في المفتاح ما يفيده لعدّه تطويلا للقوم فجرّد كتابه عنه؛ لأن الاختلاف في الوضوح يستلزم الاختلاف في الخفاء.

(عليه) أي: على المعنى الواحد، وسيأتي تتمة ما يتعلق بالتعريف، ويتضح به في بيان قوله: والإيراد المذكور لا يتأتى في الوضعية إلخ فإنه المحل اللائق به، ولما أراد توضيح التعريف بتحقق أن إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه يدور على بعض أقسام الدلالة دون بعض، وكان هذا التحقيق محتاجا إلى تقسيم دلالة اللفظ الموضوع.

قال: (ودلالة اللفظ) واكتفى بلام العهد عن التقييد بالموضوع؛ لأن اللفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>