للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كون الحواريين أنصار الله في سرعة إجابتهم له، وظاهر قوله تعالى: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ (١) يقتضي أن يكون المعنى كما كان الحواريون أنصار الله؛ لا كما كان الحواريون أنصار عيسى، إلا أن يقال تقديره نحن أنصار نبي الله لاستدعاء ظاهر من أنصاري إلى الله.

ذلك (وقد يليه غيره) أي: قد يلي الكاف ونحوها غير المشبه به مما يكون له مدخل في المشبه به، وذلك إذا كان المشبه به هيئة منتزعة وذكر بعد الكاف بعض ما ينتزع عنه الهيئة ولا خفاء في كثرته، فالتقليل باعتبار الإضافة، وقد أشار إلى هذا بقوله: (بنحو وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ (٢) ولا يخفى أنه يمكن رعاية الأصل في جميع ما هو من هذا القبيل بتقدير المثل، والحال والشأن، لكنهم رأوهم مستغنين عن جميع ما هو عن الحذف لو أهملوا رعاية هذا الأصل فأهملوه وراعوا أصل أخراهم هو عدم الحذف، وقد يراعونه في مقام الاستغناء عن الحذف إذا كان لا بد في المقام من حذف شيء؛ لأنه بعد الوقوع في الحذف لضرورة يهون ارتكابه فيرتكب لأدنى داع، ومنه قوله تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ الآية لأن حذف ذوي ضروري للضمائر، وحذف المثل؛ لأنه أنسب بجعل المشبه المثل، وأشد ملايمة له؛ ولهذا القدر لا يقدمون على التقدير فيما لا تقدير ضروريا (وقد يذكر فعل ينبئ عنه) الظاهر ينبئ به أو ينبئ إياه في القاموس إنباءه إياه ربه، فكلمة عن متعلقة بالكشف المتضمن للإنباء، والأولى وقد يذكر ما ينبئ عن التشبيه ليتناول، نحو: أنا عالم أن زيدا أسد، وزيد أسد حقا أو بلا شبهة، وكأن زيدا أسد إذا كأن للظن، ومما لا يشتبه أن ليس مقصود المصنف أن يذكر فعل يدل على نفس التشبيه، فإنه مستفيض كثير مثل يشبه ويشابه ويضاهي ويماثل، بل المراد فعل ينبئ عن حال من أحوال التشبيه على أنه لا يتبادر من قولنا إنباء فلان عن فلان إلا أنه أظهر حالا من أحواله لا أنه أفاد تصوره سيما مع قوله إن قرب وقوله إن بعد، فما ذكره الشارح أن في كون الفعل منبئا عن التشبيه نظرا للقطع بأنه لا دلالة للعلم والحسيان على التشبيه، بل الدال عليه عدم صحة


(١) الصف: ١٤.
(٢) الكهف: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>