الجمل وتعين قصد التشبيه لإصلاح الكلام، فلو قال إنه ينبئ عن حال التشبيه من القرب والبعد لكان أنسب ضعيف.
(كما في علمت زيدا أسدا أن قرب) التشبيه أي: نسب إلى القرب لما في العلم من الدلالة على تيقن الاتحاد وتحققه فيفيد مبالغة في التشبيه، وأن الشبه بحيث تيقين بينهما الاتحاد.
قال الشارح: دلالته على قوة المشابهة لما في العلم من الدلالة على تحقق التشبيه وتيقنه، وفيه نظر وهو إنما يصحح وجها لتقريب التشبيه في علمت أن زيدا كالأسد.
(و) كما في (حسبت) زيدا أسدا (إن بعد) التشبيه لما في الحسيان من الدلالة على الظن والتخمين، ففيه إشعار بأن في شبهة الاتحاد فيفيد قوة للمشابهة دون قوة أفادها ذكر العلم. وينبغي أن يعلم أن قولنا: أشك أن زيدا أسد أيضا أبلغ من قولنا زيد كالأسد، فإن إيقاع المشابهة في الشك في الاتحاد يفيد قوة للمشابهة بلا شبهة.
ومن نفايس سوانح هذا المقام أنه قد يدخل ما ينبئ عن حال المشبه به نحو:
قد علمت أن غرة الصباح وجه الخليفة، فإنه يفيد المبالغة في كون وجه الخليفة أتم من الغرة (والغرض منه) أي: من التشبيه (في الأغلب يعود إلى المشبه)؛ لأن التشبيه بمنزلة القياس في ابتناء شيء على آخر، فكان الغرض عائدا إلى المشبه الذي كالمقيس، وقوله في الأغلب لما سيأتي من أنه قد يعود إلى المشبه به.
فإن قلت: فيما سيأتي ما يدل على أنه قليل، وقوله في الأغلب يدل على أنه غالب.
قلت: القلة بالإضافة لا ينافي الغلبة.
(وهو) أي: الغرض (بيان إمكانه) أو وجوبه أو امتناعه أو وقوعه، فالاقتصار على الإمكان من ضيق العطف في البيان، فبيان الإمكان (كما في قوله [فإن تفق) أي: تعل بالشرف (الأنام)] كسحاب الخلق، أو الجن والإنس، أو جميع ما على وجه الأرض [(وأنت منهم فإنّ المسك بعض دم