وهو الرجل الشجاع، أو بدعوى ثبوت الهيكل المخصوص لزيد، فقول الشارح في شرح التنقيح: إن جعلها مجازا عقليا مبنيّ على اعتبار مرجوح هو دعوى الهيكل المخصوص للرجل الشجاع، والحق خلافه، وهو دعوى فرد غير متعارف لمفهومه مما لا وثوق به.
قال المصنف: والدليل على الادعاء أنه لولاه لما كانت استعارة؛ لأن مجرد نقل الاسم لو كانت استعارة لكانت الأعلام المنقولة كيزيد ويشكر استعارة، ولما كانت الاستعارة أبلغ من الحقيقة؛ إذ لا مبالغة في إطلاق الاسم المجرد عاريا عن معناه، ولما صح أن يقال لمن قال: رأيت أسدا أنه جعله أسدا، كما لا يقال لمن سمى ولده أسدا أنه جعله أسدا؛ لأن جعل إذا تعدى إلى مفعولين كان بمعنى صيّر، ويفيد إثبات صفة لشيء حتى لا يقال: جعلته أميرا إلا إذا أثبت له صفة الإمارة.
هذا وفي الوجه الأول: أنه لا يلزم من انتفاء الادعاء أن يكون مجرد نقل الاسم استعارة، بل النقل لعلاقة المشابهة من غير وضع المنقول إليه.
وفي الوجه الثاني: أن الاستعارة أبلغ من الحقيقة لمجرد أنه بمنزلة دعوى الشيء ببينة كما في سائر المجازات على ما سيأتي، وللادعاء دليل آخر، وهو: أنه لولاه لما امتنع استعارة العلم.
(ولهذا) أي: ولأن إطلاق اسم المشبه على المشبه به بعد ادعاء دخوله في جنس المشبه به (صح التعجب في قوله) أي: قول أبي الفضل بن العميد في غلام قام على رأسه يظلله:
[(قامت)(١) فاعله نفس (تظللّني) في الشرح: أي توقع الظلّ عليّ (من الشّمس) أي: من أجلها، ولدفع حرها أو المراد من الشمس تظللني نفس الغلام أي توقع عليّ ظلا حاصلا من الشمس، والأول هو الموافق لقوله:
شمس تظللني من الشمس (نفس أعزّ عليّ من نفسي) بالإضافة إلى ياء المتكلم أو بتنكير نفس وإشباع كسرته كما في الشمس أي: من كل نفس، وهو
(١) يصف ابن العميد غلاما جميلا قام على رأسه يظلله من الشمس، وإنما أنث الضمير في- قامت- لإسناده إلى نفس.