للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبلغ:

(قامت تظللّني ومن عجب ... شمس تظللّني من الشّمس) (١)

فلولا أنه ادعى له معنى الشمس الحقيقي لما كان لهذا التعجب معنى؛ إذ لا تعجب في أن يظلل إنسان حسن الوجه إنسانا آخر، وفيه نظر؛ لأنه يجوز أن يكون التعجب من استخدامه من بلغ في الحسن درجة الشمس أو من انقياده له وخدمته له.

(والنهي عنه) أي: عن التعجب (في قوله):

[(لا تعجبوا من بلى غلالته) هي ثوب يلاقي البدن (قد زرّ) أي: شدّ (أزراره على القمر)] (٢).

فلولا أن جعله قمرا حقيقيا لما كان للنهي من التعجب معنى؛ لأن الكتان إنما يسرع إليه البلى بسبب ملابسة القمر الحقيقي لا بسبب ملابسة إنسان كالقمر في الحسن.

(ورد بأن الادعاء) مسلم لكنه (لا يقتضي كونها مستعملة فيما وضعت له) فيما ادعى دخوله تحت مفهومها.

وفيه: أن الادعاء لو أوجب صحة كونها حقيقة لكفى، إذ معها لا ضرورة في القول بالتجوز، فدعوى كون المجاز عقليا لا يتوقف على اقتضاء الادعاء الاستعمال فيما وضعت له، بل يكفي فيه أن يقال: يصح أن يكون الأسد مثلا مستعملا في مفهومه، ويكون واقعا على الرجل الشجاع لادعاء أنه من أفراده كما سبق، فالجواب أن يقال: استعمال الأسد في مفهومه لا يوجب شموله للرجل الشجاع، وسراية الحكم كما في أفراده ما لم يقصد به، ويمكن أن يقال: إذا قلت:

رأيت أسدا، وحكمت برؤية رجل شجاع يمكن فيه طريقان:


(١) هو: لأبي الفضل محمد بن الحسين بن العميد إمام الكتاب في القرن الرابع الهجري، وإليه تنسب الطريقة الكتابية التي راجت في عصره، وهو وزير لركن الدولة البويهي إلى أن مات سنة ٣٦٠ هـ. والبيتان في الإيضاح: (٢٥٩)، نهاية الإيجاز: (٢٥٣)، المصباح: (١٢٩)، الطراز: (١/ ٢٠٣).
(٢) البيت لابن طباطبا العلوي، وهو أبو الحسن محمد بن أحمد المتوفى سنة ٣٢٢ هـ.
انظر البيت في الإيضاح: (٢٥٩)، الطراز: (٢/ ٣٠٢)، نهاية الإيجاز: (٢٥٣)، والمصباح: (١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>