للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التخييلية لو حمل على حقيقتها لا يثبت الحكم المقصود في الكلام للمكني عنها، كما عرفت.

بخلاف المصرحة فإن قولنا: جاءني أسد له لبد، لو أثبت فيه اللبد الحقيقي للأسد المستعمل في الرجل الشجاع مجازا لم يمنع عن إثبات المجيء للأسد، فإن ما له جاءني رجل شجاع لما شبه به لبد، لكنه لا يتم في قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً (١) فإنه لو أريد الأمر بالاعتصام الحقيقي لفات ما قصد بيانه للعهد، فلا بد من جعل الاعتصام استعارة لما يثبت العهد.

(وعنى) أي: أراد السكاكي (بالمكني عنها أن يكون الطرف المذكور هو المشبه) على وجه خاص أشار إليه بقوله: (على أن المراد بالمنية) في قوله:

[وإذا المنيّة أنشبت أظفارها] (٢) (هو السبع بادعاء السبعية لها) وإنكار أن يكون شيئا غير السبع (بقرينة إضافة الأظفار) التي هي من خواص السبع (إليها) أي: إلى المنية فقوله: على أن المراد بالمنية يفيد أن المشبه المذكور يجب أن يراد به المشبه به، فلا حاجة إلى تقييد قوله أن يكون الطرف المذكور هو المشبه بقولك ويراد به المشبه به، تمييزا للاستعارة المكنى عنها عند السكاكي عنها عند المصنف، كما فعله الشارح المحقق.

وقوله: بقرينة إضافة الأظفار إليها لو حمل على أن القرينة للاستعارة بالكناية إنما هي إضافة خاصة المشبه به إلى المشبه أفاد استلزام الاستعارة بالكناية للتخييلية.

ولو حمل على أن القرينة لها إضافة ما هو موضوع لما يختص بالمشبه به إلى المشبه لم يفد، وكأنه حمله المصنف على الأول فادعى فيما بعد أن الاستعارة بالكناية مستلزمة للتخييلة.

(ورد) أي: ما ذكره السكاكي من تعيين الاستعارة بالكناية، وجعلها قسما من الاستعارة التي هي قسم من المجاز، وجعل إضافة الأظفار قرينة الاستعارة (بأن لفظ المشبه فيها) أي: في الاستعارة بالكناية كلفظ المنية مثلا (مستعمل


(١) آل عمران: ١٠٣.
(٢) قد سبق تخريج هذا البيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>