وأما في الرسم؛ فلأن من معانيه رسم الخط، وإن خفي إلى الآن، وقوله وحرف عطف على الرهط في البيت السابق أعني [(تجلّ عن الرّهط) أي: اللباس (الإمائيّ) أي: لباس تلبسه الإماء، فالرهط جلدة تلبسها الإماء الحيض مكان الإزار (غادة) أي: ناعمة لينة تميل عنقها من اللين، وتهتز أعطافها، فاعل لتجل (لها من عقيل في ممالكها رهط)] أي: قبيلة وقوم، فالمعنى تجل من اللباس الدنيء تلك الناعمة التي لها من عقيل في ممالكها قبائل، وعن ركوب حرف في غاية الضمير تكون تحت من يضرب رجله على ريته؛ لأنه لا حراك له من الضعف يؤم ذلك الرأي رسوم الديار التي غيره نزول المطر.
والأظهر كما نبه عليه المصنف أن إيراد البيت في المفتاح تنظير لا تمثيل، كما هو دأبه وتنبيه على أنه ملحق بمراعاة النظير، فلا يحتاج إلى ما تكلف البعض أن مراد المفتاح بجميع المتشابهات في تعريف مراعاة النظير، أعم من المتشابهات حقيقة، ومن المعبر بعبارات لها معان متشابهة، فالمراد بقوله (نحو الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (١) أي ينقادان لحكم الله تعالى، مما جمع فيه بين معنيين غير متناسبين بلفظين يكون لهما معنيان متناسبان، كما أنه جمع بين الشمس والقمر والنجم، مع عدم التناسب بين النجم وبينهما؛ إذ المراد به نبات لا ساق له، وإنما جمع لإيهام التناسب لتعبيره بالنجم الذي ناسب معناه الآخر للشمس والقمر، وبعدم إيهام هذه المتناسبة صح جمع الشجر أيضا لمناسبته للنجم المناسبة لهما.
هذا ما تواطأ عليه الآراء، وأخبر به العلماء.
ولك أن تقول النجم والشجر متناسبان للشمس والقمر؛ لأن المقصود جريان حكمه تعالى في العلويات والسفليات، وخص الشمس والقمر؛ لتحركهما أبدا بحكمه تعالى على نهج واحد، من غير ظهور تغيير منهما لحكمه، والنجم والشجر من السفليات؛ لأنهما ينبتان في كل سنة مرارا وينعدمان فأثر الحكم عليهما أظهر، فكأنه قال: ينقاد لحكمه تعالى العلوي والسفلي، فجمع الشجر والنجم، مع الشمس والقمر من جمع المعاني المتناسبة.