للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى خيمة ضربت له خارج باب الفتوح ومعه سائر أهل الدولة. ونزل خادم الخليفة ومعه الأمير مظهر الدين وشاح الخفاجيّ بالخلع الخليفيّة فنزلا في خيمة أفردت لهما وحملا الخلع إلى السلطان في خيمته وأضفياها عليه. وخرج بها وعليه عمامة سوداء مذهبة مزركشة ودرّاعة بنفسجيّة اللون وطوق ذهب وعدّة سيوف تقلّد منها واحدا- وحملت البقيّة خلفه- ولواءان منشوران على رأسه، وسهمان كبيران، وترس، وفرس أشهب بمشدّة سوداء في عنقه، وكنبوش (١) أسود، فركبه.

وخلع على الأمراء الأكابر، وعلى قاضي القضاة، وعلى الصاحب بهاء الدين، والقاضي فخر الدين إبراهيم بن لقمان صاحب ديوان الإنشاء. ونصب منبر مجلّل بثوب حرير أطلس أصفر، وصعد عليه ابن لقمان وقرأ تقليد الخليفة للملك الظاهر، وهو من إنشائه حتّى فرغ منه (٢).

فركب السلطان بالخلع والطوق الذهب، والقيد الذهب، وحمل التقليد الأمير جمال الدين [أقوش] (٣) التجيبيّ استادار السلطان. ثمّ حمله الصاحب بهاء الدين وسار به [١٥٠ ب] بين يدي السلطان، وجميع الأمراء من دونهم مشاة. فدخل من باب النصر وشقّ القاهرة وقد زيّنت أعظم زينة، وفرش أكثر الطريق بثياب الحرير، ومشى فرس السلطان فوق الحرير حتّى خرج من باب زويلة، فركب الأمراء إلى القلعة، وكان يوما تقصر الألسنة عن وصفه.

وشرع السلطان في تجهيز الخليفة للسفر، واستخدم له العساكر، وعيّن الأمير سابق الدين بوزبا أتابك العساكر بألف فارس، وأقام الطواشيّ بهاء الدين صندل الشرابيّ الصالحيّ شرابيّا بخمسمائة فارس، والأمير ناصر الدين أبا عبد الله محمد بن الأمير جمال الدين سوبخ ابن صيرم الكامليّ [٥٢ ب] خازندار بمائتي فارس، والأمير الشريف نجم الدين جعفر أستادار بخمسمائة فارس، وسيف الدين بلبان الشمسيّ داوادارا بخمسمائة فارس، والأمير فارس الدين أحمد بن أزدمر اليغموري دوادارا ثانيا، والقاضي كمال الدين محمد بن عزّ الدين السنجاريّ وزيرا، وشرف الدين أبا حامد كاتبا. وأقام عدّة أمراء من العربان، وحمل إلى الجميع الخزائن والسلاح والسناجق والطبلخاناه وسائر ما يحتاج إليه، وأنفق فيهم الأموال الكثيرة، واشترى مائة مملوك، كبارا وصغارا، رتّبهم سلاحداريّة وجنداريّة، وأخرج لكلّ منهم ثلاثة أرؤس من الخيل وجملا برسم حمل عدّته.

ورتّب سائر ما يحتاج إليه الخليفة من صاحب ديوان، وكاتب إنشاء، ودواوين، وأئمّة، وغلمان، وجرائحيّة، وأطبّاء، وبيوتات سلطانيّة، وكمّل الجميع بما يحتاج إليه. ورتّب الجنائب وخيول الإصطبلات، واستخدم الأجناد، وعيّن لخاصّ الخليفة مائة فرس، وعشرة قطر (٤) بغالا، وعشرة قطر جمالا، وطشت خاناه، وشراب خاناه، وفراش خاناه، وحوائج خاناه. وكتب لمن وافى معه من العراق تواقيع ومناشير بالإقطاعات.

فلمّا تهيّأ جميع ذلك برز الدهليز الخليفتيّ والدهليز السلطانيّ إلى البركة خارج القاهرة.


(١) في المخطوط: كنفوش، والإصلاح من الروض الزاهر ١٠١ ومن السلوك ١/ ٤٥٢ والكنبوش هو البردعة تحت السرج (هامش ٥).
(٢) نصّ التقليد في السلوك ١/ ٤٥٣ وفي الروض الزاهر ١٠٢.
(٣) الزيادة من الخطط ١/ ٣٠١.
(٤) في الوافي ٣٨٥: قطارات والقطار: القافلة من الإبل.
والجمع قطر غير مسموع.

<<  <  ج: ص:  >  >>