للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد وقع المسلمون فيما حذرهم الله تعالى منه ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، من التفرق في الدين، وتمزق في الحكم، فآل أمرهم إلى تنازع وفشل، ونالهم قوله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [سورة الأنفال: (٤٩)]. وصدق الله العظيم، فقد تنازعنا، وفشلنا، وذهبت قوتنا، وديست كرامتنا، وسلبت أموالنا، وقيدت أعناقنا، وأسر أبناؤنا وما يزال بعضنا غافلاً عن سر بلائنا.

- الداء الرابع: نفاذ كيد العدو.

الناس في كيد العدو بين موهن مَفرِّط، أو مُعظّم مُفْرط.

فمنهم من لا يرى للعدو أثراً، ولا يلقي له بالاً، فلا ينتبه إلى تدبيره، ولا يحذر من كيده، وآخرون جعلوه سبب الأسباب، وداء الأدواء، فغالوا فيه، وعظموه، حتى أنساهم ذلك قدرة ربهم، والتوكل على خالقهم، فغفلوا عن داء المسلمين الأول العضال، ومعالجته، فما زادهم ذلك إلا رهقا.

والحق الذي لا ريب فيه: أن للعدو كيداً عظيم الأثر، بالغ الضرر {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [سورة إبراهيم: (٤٦)].

ولكن قد ينفذ في المسلمين، وقد لا ينفذ.

متى ينفذ كيدهم، ومتى لا ينفذ؟

ينفذ كيد الأعداء في المسلمين، عندما يتخلى الله عنهم ولا ينصرهم، ويتخلى الله عنهم، حين لا ينصرونه في أنفسهم وعلى أرضهم.

قال تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [سورة محمد: (٧)].

وقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: (٤٠)].

فهذه شرطية، بمعنى: إن نصرتموه بالعمل بدينه، وأداء أمانته، نصركم، وإلا تخلى عنكم، فحينئذ ينفذ كيد عدوكم فيكم، ويحل شره بكم.

ولا ينفذ كيد الأعداء حين ينصر المسلمون دين الله، ويعملون بأحكامه، وحينئذ يتولى سبحانه رد كيد عدوهم، مهما كانت قوته، ومهما بلغ شره.

قال تعالى: {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ

<<  <   >  >>