للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأسلوب: أنواعه، وحكمه]

أسلوب البيان، وأسلوب الدعوة (١)، وأسلوب الخطاب، مطلق اجتهادي غير توقيفي، بشرطين:

الأول: أن يخاطب الناس بما يعقلون، قال علي - رضي الله عنه -: (حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله) [البخاري معلقاً (١٢٧ - ١: ٥٩)].

أي: يخاطب كل حسب مستواه، كل حسب علمه، فلا يبحث -مثلاً- مع العامة ابتداءً بعض صفات الله التي ستفهم فهماً خاطئاً، كعدد أصابع الرحمن.

الثاني: أن لا يكون فيه لبس أو إيهام. (٢)

[تنوع الأساليب العربية]

مما هو معروف في لغة العرب، لغة البيان، ولغة الوجوه، ولغة الإعجاز، تنوع أساليب المحاورة، واختلاف وسائل الخطاب والإقناع، ومن ذلك: جواز إسقاط (هب) من التعبير، تنبيهاً للسامع، أو حكاية قول الخصم دون نسبته إليه؛ شداً للانتباه، أو إقرار المناظر على خطأ، تنزلاً للكرّ عليه ونقضه، أو تعليق أمر بمحال، بياناً لأهمية وجوبه أو حرمته، وهذه كلها أساليب عربية مبينة، ووسيلة خطاب بليغة، قد وردت في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وخطابات العرب، لا ينكرها من كان عنده علم، أو تأمل.


(١) أسلوب الدعوة، غير طريق الدعوة، أما الأول: فاجتهادي، وأما الثاني: فتوقيفي، وتفصيل ذلك وأدلته في محاضرة الوسائل والغايات. فتنبه.
(٢) وأنا لا أنكر أني خاطبت الناس في محاضرات دولية يغلب على الظن أن الحاضرين من أولي الفهم، خاطبتهم بأسلوب وإن كان عربياً مبيناً، وقوياً متيناً .. ولكن تبين لي فيما بعد، أن قلة قليلة جداً لم تفهمه. فحمله محملاً حسناً من كان تقياً، وتبين واستفصل عنه من كان عاقلاً، وطار به على أسوأ نية من كان مغرضاً، واستغله استغلالاً سيئاً من كان مترصداً مبغضاً .. وما كنت أظن أن دركة الغباء عندهم إلى هذه الدركة، وما كنت أظن أن الترصد والحقد والحسد يصل بأصحابه إلى هذه الدرجة، وأنهم سيستغلون هذا استغلال المنتقم، ويشيعونه إشاعة المتشفي .. ولو أدركت هذا ما فعلت، رغم جواز استعمال هذا الأسلوب شرعاً ولغة.

<<  <   >  >>