العدل والإنصاف من صفات هذا الدين العظيم، ومن صراطه المستقيم، ولقد تميزت به أمة الإسلام على سائر الملل والأمم، وضرب سلفنا الصالح المثل الأعظم في العدل والإنصاف، حتى صاروا قدوة فيه للناس، ولما رأى ذلك شعوب البلاد المفتوحة، دخلوا في الإسلام أفواجاً.
وإن للمعاملة الطيبة، والعدل والإنصاف مع الناس أثراً عظيماً، في تأثرهم بذلك، وقبولهم الدعوة، ودخولهم الإسلام، ولذلك كان العدل والإنصاف باباً مهماً وواسعاً من أبواب الدعوة إلى الله، لدخول الناس في الإسلام.
لذلك أمر الله - عز وجل - بهما ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في مواطن كثيرة، مع القريب والبعيد، والصديق والعدو، في العدل والرضا، والعسر واليسر، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: (١٣٥)].
وقال تعالى:{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: (١٥٢)].
ومن دلائل إنصاف هذا الدين العظيم، إنصاف أهل الكتاب رغم عداوتهم له، إذ قال تعالى:{وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: (٧٥)].
ولم يمنع الله - عز وجل - ولايتُه للصحابة، أن يشهد عليهم في أُحد بالخطأ، ويجعله قرآناً يتلى إلى يوم القيامة، قال سبحانه:{حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: (١٥٢)].
فالأولى: شهادة للعدو، والثانية: شهادة على الأولياء.