لاشك عند كل مؤمن مطلع على كتاب الله - عز وجل -، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، بأن الإسلام دين البشرية جميعاً، يقيناً مستقراً، وإيماناً راسخاً بوعد الله الذي لا يخلف الميعاد، قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: (٢٨)]. ولأجل ذلك ختم الله برسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - الأنبياء والرسل، وختم بالإسلام الأديان كلها، ونسخها، وكفّر من لم يدخل فيه، فقال تعالى:{إن الدين عند الله الإسلام} [آل عمران: (١٩٠)].
وقال تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: (٨٥)]. وقال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: (٤٨)]. وأوجب على الناس الدخول فيه كله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [سورة البقرة: الآية (٢٠٨)].
وخطابات القرآن للناس جميعاً واضحة، وأوامره في ذلك جلية، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ} [النساء: (١٧٠)]. وقال تعالى:{هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: (١٣٨)].
وتتجلى عالمية الإسلام، في سمو تشريعاته، وعموم خطاباته: يأيها الناس، يا أيها الذين آمنوا، يا عبادي، فلم يناد بقومية، ولم يخاطب بعرق، بل نادى عموم البشرية، وخاطب أهل الإيمان كافة، وتتضح عالمية هذا الدين بشمول أحكامه، التي لا يحويها زمان، ولا يحدها مكان، ولا تخص شعباً دون الشعوب، ولا بلداً دون البلدان، بل هي عامة شاملة، صالحة للبشرية جمعاء، على اختلاف ألوانها ولغاتها، وتفرق أجناسها وقومياتها.
كما يجب أن يكون عند كل مسلم يقين، بأن الإسلام هو دين البشرية القادم، وأن الساعة لن تقوم حتى ينتشر الإسلام في أصقاع المعمورة كلها، بل سيهيمن عليها، لا يغادر مصراً إلا ويظله، ولا يبرح أرضاً إلا ويستوطنها، قال تعالى:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف: (٩)].