فهل العيب من الآية؟ ! أم من التسرع في الفهم، وسوء الظن، وعدم الاستفصال، وقطع الكلام؟ !
[الخلاصة]
لما كان من غير الممكن تجنب العام، والمطلق، والمجمل، والمتشابه في الكلام، كان الفهم الصحيح لمذهب رجل، بل كان الواجب والإنصاف، التزام ما يلي:
أولاً: لا يجوز الحكم على الرجل من عبارة أو عبارتين فيهما إجمال أو تشابه، بل الواجب أن يجمع كلام المرء كله، مجمله ومفصله، غامضه وواضحه، ثم ينظر فيه فيحمل العام على الخاص، والمطلق على المقيد، وهكذا.
ثانياً: لا يجوز أن يقطع الكلام عن سياقه وسباقه، ثم يحكم على صاحبه.
ثالثاً: لا يجوز أن يفسر المجمل بمعزل عن المفصل، أو أن يؤول المتشابه دون الرجوع إلى المحكم، وهذا من الظلم الفاحش، والافتراء البين، وحرمة هذا مما أجمع عليه العلماء.
رابعاً: إذا كان المتكلم حياً روجع في متشابهه، وإلا رُجع إلى أصوله ومسلكه.
خامساً: إذا لم يتبين الأمر جلياً، فالتوقف أبرأ للذمة.
[من الضلال تفسير الكلام دون معرفة بأساليب اللغة العربية]
ولما لم يدرك هذه الأساليب الأحداث من الناس في آخر عهد الصحابة، خرج منهم الخوارج، ثم ضلت الفرق بعد ذلك، كالمعتزلة ومن شابههم، وسر ضلالهم يكمن: بتقديمهم فهمهم في الدين، واللغة على فهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أصحاب الفهم الصحيح، واللغة السليمة، فكانوا يحتجون بظاهر النصوص المتشابهة -وهو في الظاهر لصالحهم- ويخطئَّون به أئمة الدين، فيقولون-مثلاً-: يقول الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} وهؤلاء -يقصدون أئمة أهل السنة- يقولون:(قد يكون مؤمناً) وقد أُتوا من جهلهم باللغة، وأساليب الخطاب، فهم لا يفرقون بين (لا) النافية للجنس، و (لا) النافية للكمال، ولا يفرقون بين (لام) العهد، و (لام) الاستغراق، و (من) المصدرية، و (من) التبعيضية، ولذلك