تعني الفوضى: انعدام التنظيم الإداري في أي مستوى كان، وإذا انعدم التنظيم، فقدت المسئولية والتوجيه والطاعة، وضاعت المصالح من أمن وحقوق، ووقعت المفاسد من سفك دماء، وفساد في البلاد، وذعر في العباد.
الفوضى لا يقرها دين، ولا يرضى بها عاقل، ومفسدتها لا تقل عن التحزب، إذ تضيع الأوقات، وتهدر الطاقات، وقد تهدم الديار، وتفسد الحياة، كما يحصل عند نزع الطاعة، أو قتل السلطان، وكثيراً ما دفعت الفوضى إلى الضلال، قال علي - رضي الله عنه - للخوارج:((أتريدون أن تردوننا إلى فوضى الجاهلية)).
ولأن يحكم الناس بظالم، خير لهم مِنْ أن يعيشوا في فوضى لا تُبْقِي ولا تذر.
ومن رأى ما يجري في بلاد الصومال والأفغان حين فقدوا سلطانهم المسلم، وما حصل من الفوضى والاضطراب، وفقدان الأمن بل الحياة، من رأى ذلك كان له فيه عبرة وعظة.
وأما تنظيم الأمور الإدارية، وترتيب الدروس العلمية، والزيارات الدعوية، وإنشاء الجمعيات الخيرية، والمدارس التعليمية، فليست من الحزبية في شيء، إلا أن تكون هناك شروط غير شرعية، أو يُتستر بالجمعية والهيئة لحزبية.
وكثير أولئك الذين فروا من الحزبية ليقعوا في الفوضى ظانين أن كل تنظيم محرم، وأن كل ترتيب حزبية وقد تكون مفاسد الفوضى أحياناً أكبر من مفاسد الحزبية فتدبر.
وقد فصلنا القول والفرق بين الحزبية المحرمة، والتجمع المشروع في محاضرة خاصة، وفي كتيب يسر الله إنهاءه.