الأول: استشعار المسلم بأنه مفتون، ومعرض للفتن في كل وقت، وفي كل صغيرة وكبيرة، وأن مقصود الفتن الاختبار والتمحيص، فإن الراشد إذا أدرك هذا، وأدرك سر الابتلاء كان منه على حذر، وإذا استشعر أن ما يمر به فتنة، لم يغفل، ولم يستدرج، قال تعالى:{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: (٣٥)].
الثاني: كف اللسان واليد ما استطاع المسلم إلى ذلك سبيلاً.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((كونوا أحلاس بيوتكم)) [أبو داود (٤٢٦٢) الترمذي (٢٢٠٦) صححه شيخنا الألباني في الصحيحة الجزء الرابع (ص ٤٩)]. وقال:((الزم بيتك، واملك لسانك)) [أبو داود (٤٣٤٣) وصححه شيخنا في الجامع].
أما إذا كان الأمر يعنيه، وقد وجب في حقه حكم أو عمل فعليه:
الثالث: التثبت والسماع من الطرف الثاني مهما كان الناقل، فإن الكذب يجري في الفتنة على ألسنة الناس، وكثير من الصالحين، جري الماء في الوديان، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: (٦)].
ولم يستثن الله من التثبت أحداً، فهل نحن فاعلون؟
ومن أروع ما ورد في القرآن الكريم في هذا الشأن مثلان: الأول: قوله تعالى لعيسى ابن مريم - صلى الله عليه وسلم -: {وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ... } [المائدة: (١١٦)]. فهل يحتاج الله إلى تثبت حتى يسأله، وهو سبحانه يعلم علم اليقين أن عيسى لم يقل هذا، ولكنها عبرة للمتعصبين الذين يقبلون أقوال شيوخهم ورؤسائهم أو أصحابهم دون تثبت ويتهمون بها العباد، فهل من معتبر لهذا.
والمثل الثاني: معاتبة الله نبياً من أنبيائه، وهو داود - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لم يسمع من الطرف الثاني.