يؤازرهم، ومن خالف هذا المنهج فقد فرق، وكان سبباً في إشعال الفتنة بين المسلمين، فتنبه لذلك وكن من الراشدين.
وإذاً اتفقنا في المعاني فلا مشاحة إذا اختلفنا بعد ذلك في الأعيان، والاختلاف في الأعيان لا يفسد الإتفاق والمودة بين الإخوان.
ولقد وقع في زماننا هذا من التعصب للأعيان والتحزب لهم، والتفرق من أجلهم، والولاء والبراء فيهم، الشيء العظيم، وجلب على المسلمين الشر الكبير، كأن الإسلام مبني على الولاء والبراء في الأعيان، فلاحق فيه ولا تأصيل، ولا مبدأ فيه ولا دليل، إلا هؤلاء الأعيان، نعوذ بالله من من فقه الصبيان.
الصورة الرابعة: اختلافهم في تصور مسألة أو فهم واقعة، ثم اختلافهم في حكمها.
تنزيل الأحكام على الوقائع ممن هم أهل لذلك، واختلافهم في ذلك داخل في هذا الباب.
واختلاف كثير من العلماء المعاصرين في أحكام كثير من الوقائع المعاصرة كحكم الإحرام من جدة، والعقود المنتهية بالتمليك، وحكم الجهاد في بعض البقاع كاختلاف الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في أسارى بدر.
الصورة الخامسة: اختلافهم في تفسير نص من الكتاب أو السنة، أو تفسير نص لأحد الأعيان، وأمثلة هذا كثيرة.
وهذه الصور كلها صور متداخلة ومتكررة، أردنا زيادة التفصيل، لزيادة التوضيح، وهي تدخل في باب الخلاف المعتبر، الذي لا يجوز الإنكار فيه، ولا التفضيح، ولا التنازع، ولا التجريح، مهما كانت شدة الخلاف، ومهما كان موضعه، ومهما كانت نتائجه، وإنما الواجب فيه النصح والتوضيح، والبيان والتصحيح، فهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان لا يرى التيمُّمَ للجنب، ولو ترك الصلاة عشر سنين، وهذا خلاف بين الصحابة شديد، وهذا الإمام أحمد رحمه الله: كان يرى كفر تارك الصلاة، وبهذا يخرج -عنده- من المسلمين -عند غيره-