قاعدة: إذا حكمت حوكمت، وإذا تعلمت هديت، وإذا دعوت أجرت.
هذه قاعدة تربوية مهمة، معناها واضح بيّن، وهدفها سامٍ عظيم، وثمارها عظيمة النفع، كثيرة الفوائد.
أما معناها فهو: إذا حكمت على أحد -أي حكم كان- فأنت معرَّض للمحاكمة، ومقبل على المحاسبة، ومسؤول عن حكمك عند الله، فإن كان الحاكم من أهل الاجتهاد، وحكم بعدل أُجِرَ، سواء كان مصيباً أم مخطئاً، وإن لم يكن من أهل الاجتهاد، أو كان من أهله، ولكنه حكم بالهوى من إلزامات وتحامل أَثِمَ، وأما إذا دعا المرء إلى الله بعلم وحكمة أُجِر على كل حال، سواء اهتدى المدعو أم لم يهتد.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ... )) [البخاري: (٦٩١٩) ومسلم: (١٧١٦) عن عمرو بن العاص، وأبو داود:(٣٥٧٤) والترمذي: (١٣٢٦) عن أبي هريرة].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((قاضيان في النار وقاض في الجنة)) [سبق تخريجه].
فتبين بهذا: أن القضاة سيحاكمون، وعن كل حكم صغير وكبير -أمام الله- مسؤولون، فإن حكموا بعدل وعلم أُجروا، وإن حكموا بجهل أو هوى أثموا.
وأما هدفها: فهو صرف الناس بعامة، والناشئة بخاصة، عن الحكم على العباد، إلى العلم النافع، والدعوة المباركة.
وأما إذا ما انصرفوا إلى الحكم على الخلق، من تكفير وتبديع وتفسيق، وانشغلوا بذلك عن العلم والدعوة، فيحصل بذلك مفاسد لا تخفى على أصحاب البصائر، من تضيع الأوقات، وهدر الطاقات، وإثارة الشحناء، وتفريق الصفوف.
وأما ثمارها: فيانعة القطاف، عظيمة المنافع، لا تخفى على كل ذي لب.