للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يدخل الجنة قاطع رحم)) [البخاري (٥٦٣٨) ومسلم (٢٥٥٦) وأبو داود (١٦٩٦) والترمذي (١٩٠٩) عن جبير بن مطعم].

وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البر، فقال: ((البر حسن الخلق)) [سبق تخريجه].

إذا عقلت هذا، أدركت أهمية الأخلاق في دين الله تعالى، وأدركت أن توحيد المرء وإخلاصه غير كاف لدعوة الناس، ما لم يتوج دعوته بالأخلاق، وإلا انفضوا من حوله.

وإذا كانت الأخلاق تدخل الجنة، بل أكثر ما تدخل الجنة، وكان عدمها يدخل النار، وإذا كان توحيد المرء وصلاته، وصيامه، وصدقته لا تمنعه من دخول النار لسوء خلقه، أفيقال -بعد هذا كله-: من الضلال الغلو في الدعوة إلى الأخلاق (١).

الغفلة الثانية: غفل الغافلون عن أهمية الأخلاق في إصلاح واقع المسلمين المخزي، بسبب سوء الأخلاق، وما جرّ ذلك عليهم من مقاطعات وتناحرات، وخوض في الأعراض، بل وسفك للدماء، فلا تكاد تجد مركزاً، ولا مسجداً، ولا جمعية، ولا مؤسسة أهلية، أو حكومية، إلا وفيها لسوء الخلق ما فيها من المشكلات والمصائب، حتى وقف المسلمون أمام القضاة من اليهود والنصارى، ليتحاكموا إليهم في شئون دينهم، وقد أدى ذلك إلى أن أغلق النصارى بعض المساجد والجمعيات، وأعظم من هذا كله، توقُّفُ الدعوة إلى الله بسبب سوء الأخلاق، وتلصص بعضهم على بعض، وتسجيل المكالمات، وتتبع نشرها حتى في الصحف والمجلات، وعلى مسمع أعداء الإسلام، حتى رآها الأعمى، وسمعها الأصم، وكأن الله أمر


(١) أفبعد هذه النصوص كلها في الحث على الأخلاق، يقول مترصد عنصري حاقد: من ضلال عدنان غلوه في الدعوة إلى الأخلاق؟ اللهم رحماك. اللهم لك الحمد أن جعلتني أغلو في الدعوة إلى ما يدخل المرء الجنة ويجنبه النار، وجعلت أخلاق بعضهم سيئة قبيحة في الشتم والتجريح والطعن في عباد الله، والسعي في أذيتهم.
هل هذا الواقع المؤلم يا حضرة المنتقد لا يحتاج إلى اهتمام، وهم جميعاً من أهل التوحيد، ومن أهل تطبيق السنن .. ألا تعلم -هداك الله- أنه في بعض البلدان اتهم داعية بالزنى لمجرد مكالمة هاتفية، وآخر بمجرد فاتورة فندق، وآخر اتهم بالسرقة من أموال المسلمين لأجل عيشه الرغد، وآخر بالتجسس لأنه موظف دولة، وآخر لأنه لم يطرد من وظيفته كما طرد فلان، وثالث لأنه يكثر السفر .. ورابع لأنه لم يسجن .. وآخر .. أليست هذه من سوء الأخلاق.

<<  <   >  >>