والأصل في هذا: اعتبار أصول الرجل، وطرق استدلاله، أكثر من تمثيله وفروعه، فما من عالم -بل ولا إمام- إلا وله وعليه، إلا إذا كثر خطؤه، وغلب صوابه، فينظر حينئذ في أهلية اجتهاده.
فليس الإمام أبو حنيفة رحمه الله بقوله بعدم زيادة الإيمان ونقصانه، كأحمد بن أبي دُءاد المعتزلي اللئيم.
وليس الإمام النووي رحمه الله في تأويله لبعض الصفات، كالجعد بن درهم جاحد الصفات المشبوه.
كما أن من البدع ما يكون محل خلاف بين المجتهدين المعتَبرين، فلا يسمى المخالف -والحال هذه- مبتدعاً أبداً، كالاختلاف في بدعية صلاة التسابيح، وفي وضع اليدين على الصدر بعد الركوع، والخيط في المسجد، وما شابه ذلك.
ويمكن تسمية ذلك اصطلاحاً (البدعة الاجتهادية) وهو مجرد مصطلح، وقد وافق شيخنا العلامة الألباني -حفظه الله- على هذا الاصطلاح، إذ لا مُشاحة في الاصطلاح، فمن أعجبه هذا الاصطلاح فالحمد لله، ومن لم يعجبه فسبحان الله.
والمبتدعون ليسوا سواءً، من حيث شرهم، ونياتهم، وبدعهم، وسيأتي شيء من التفصيل والأدلة.
[قواعد في معاملة أهل البدع]
١ - يجب أن يكون صف أهل السنة واضحاً مميزاً، عقيدة ومنهجاً، فلا خلط في عقيدة، ولا في منهج، ولا مداهنة في ذلك.
أي: لا يجوز الخلط بين عقيدة أهل السنة وعقائد المبتدعة، ولا يجوز التقريب بين منهج أهل السنة ومنهج أهل الضلال، إلى غير ذلك مما ليس له أثارة من حق، أو قدم صدق، وليس هاهنا محل تفصيل.