للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن الحاكمية من توحيد الألوهية، وقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا} دال على أنها من توحيد الربوبية، فتدبر.

[هل الحاكمية قسم رابع من أقسام التوحيد؟]

الحاكمية ليست قسيماً مستقلاً لتوحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، وليس من جعلها قسماً رابعاً بمصيب، ولا هو ضال، إنما هو خطأ في التفصيل (١)، لا يترتب عليه تضليل، ولا مقاطعة، ولا مفارقة، ما دام المقسِّم مقراً بأنواع التوحيد، ومبيّناً معنى الحاكمية على الوجه الحق، ولا يترتب على هذا التقسيم مفسدة في علم وعمل، ولكن الضلال، أن يُحصر معنى الحاكمية في السياسة، أو يخصّها في الحاكم، أو يوجبها عليه فحسب، وفي هذا الحصر خطأ جسيم، وانحراف خطير، فالحاكمية تشمل جميع أحكام الدين، من تحكيم الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في العقائد والعبادات، والسنن والمعاملات، إلى الحكم والتشريع والسياسات، كما تشمل الحاكمية جميع المسلمين، حاكمهم ومحكومهم، رجالهم ونساءهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة: (٢٠٨)].

وعلى هذا فإن على المسلم أن يجعل الكتاب والسنة حكماً له وعليه، في كل صغيره وكبيرة، ومنهج وعبادة، وسياسة وتغيير، ولا يجوز له أن يجعلهما حكماً في جانب دون جانب.

فمن قصرها على أحكام دون أحكام، أو على طبقة دون طبقة، فقد أخطأ أو ضل.

ودعوى أن الحاكمية لم ترد في الكتاب والسنة، وعلى هذا فهي بدعة منكرة، دعوى مردودة، فإن كان المقصود إنكار المعنى، فإن آيات الحكم صريحة واضحة في ذلك: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [يوسف: (٤٠)].


(١) يمكن أن يكون اجتهاداً واصطلاحاً خاصاً، ولا مشاحة في الاصطلاح، ويكون من قبيل ذكر الخاص بعد العام، كقوله تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}. (العباسي).
قلت: مثل الذين قالوا: إن الحاكمية قسم رابع، كمن يقول: الإنسان: ذكر وأنثى وأولاد فتدبر فلا هو ضلال ولا هو صواب.

<<  <   >  >>