أن لا يقبل قول جارح إلا بعد التثبت بالطرق الشرعية، والقواعد القضائية، لا بالمكالمات الهاتفية، والإلزامات الظاهرية، والقرائن الظنية، وأن لا يكون بينهما خصومة ولا منافسة ولا حسد.
قال ابن عبد البر رحمه الله:"والصحيح في هذا الباب: أن من صحَّت عدالته، لم يُلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة، يصح بها جرحته على طريق الشهادات ... ".
واشترط رحمه الله أن يكون المتكلم بريئاً:"من الغل والحسد، والعداوة والمنافسة، وسلامته من ذلك كله، فذلك كله يوجب قبوله قوله ... ".
فأين هذا التقرير العظيم؟ وهو: عدم قبول جرح من شُهِدَ له بالعدالة، إلا على طريق الشهادات.
أين هذا من اتهامات الدعاة بعضهم بعضاً، بلا بينة ولا تقوى، سوى الظنون والهوى، والإلزامات الباردة.
[القاعدة الثالثة من قواعد الإنصاف]
لا يُسقَطُ علم هؤلاء ولا علم هؤلاء -الذين جرح بعضهم بعضاً- بل يُؤخذ الحق ممن وُجِدَ عنده، من غير التفاتٍ إلى طعونِ بعضهم ببعض، ولو أنَّا أسقطنا كل عالم تكلم فيه قرينه، لما بقيَ لنا أحد، فقد تكلم ابن معين -كما سبق معك- في أئمة أهل السنة، فردوا قوله، وقبلوا علمه، ولم يبدعوه، ومن قبله الإمام مالك كذلك.
[القاعدة الرابعة من قواعد الإنصاف]
أن يُطوى كلام بعضهم في بعض ولا يُروى، وأن يُدفن ولا يُنشر، ونستغفر لهم جميعاً.