مقلديه -بلا شك- سيقتدون به وهم لا يشعرون، ولهؤلاء يقال: هل منع توحيد المرأة السيئة الأخلاق التي سُئل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عنها، هل منعها توحيدها من دخول النار؟ يا ليت هؤلاء يعقلون.
الغفلة الرابعة: أن حسن الأخلاق مدعاة للتوفيق والنصر ((والله ما يخزيك الله أبداً ... )) [البخاري: (٣) بدء الوحي، ومسلم:(١٦٠) عن عائشة] هكذا قالت خديجة للرسول - صلى الله عليه وسلم - مطمئنة له بتأييد الله، مبشرة له بنصره، متفرسة ذلك من حسن خلقه، وطيب معشره، عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.
هل هناك فعلاً من ينكر الاهتمام بالأخلاق؟
قد يتساءل العاقل متعجباً، هل يعقل إنكار هؤلاء الاهتمام بالأخلاق؟ ولماذا؟
الجواب: لا عجب في ذلك، إذا وقف المرء على سجية بعض الناس، وسوء خلقهم، إذ يمكن للمرء أن يعرفهم بسيماهم من ألوف الناس، وذلك، بعبوس سحنتهم، وبذاءة لسانهم، وانشغالهم -من صباحهم إلى مسائهم- بالطعن بالعباد، وأصل مذهبهم سوء الظن، وأسسه الدخول في النيات، وعماده التعالم، وسبيله التنقيب عن العيوب، فإن عجزوا عن إيجادها، اخترعوا الاحتمالات، وألزموا الإلزامات، ظلماً وزوراً، وهذا ديدنهم مع كثير من الدعاة، لذلك لا يعيرون الأخلاق اهتماماً، بل يعيبون الاهتمام بالدعوة إليها؛ لأنهم فاقدون لها، لا يعرفونها علماً ولا عملاً، وفاقد الشيء لا يعرف حلاوته، ولا يعرفون رفقاً، ولا يحسنون حكمة، وفاقد الشيء لا يعطيه، ولا يحسنه.
فكم من داعية صحيح العقيدة، كثير العلم، فاشل في دعوته؛ لسوء خلقه، وفظاظة طبعه، وكم من داعية فاسد العقيدة قليل العلم، ناجح في دعوته، لحسن خلقه، وطيب سلوكه.