ومن أكبر علامته: أن يحصر المرء الحق -أو يريد أن يكون الحق- هنا أو هناك، في مذهبه، أو حزبه، أو شيخه، غافلاً عن التثبت معرضاً عن الدليل.
[العلاج]
اعلم -رحمني الله وإياك- أن من تتبع الحق هنا أو هناك، وكان غايته الحق والهدى، وسبيله التثبت والدليل، مع من كان، فقد برأت ذمته من التعصب، وهذا أول العلاج وهو تتبع الحق أين ما كان، ومع من كان.
الثاني: الاعتقاد بأن المتبوع يخطئ، وأن الخصم يصيب.
الثالث: أن يكون قصده الوصول إلى الحق، سواء كان الحق هنا أو هناك، وأن لا يتخذ موقفاً سلفاً، ولا ينصر صاحباً ابتداءً، ولا يؤيد متبوعاً مقدماً، حتى يسمع من الأطراف بالدليل والبرهان، لا بالعواطف الجياشة، والمصالح الخاصة.
الرابع: وجوب قبول الحق ممن كان، ولو كان خصماً، ورد الخطأ أو الباطل، ولو كان من متبوعه.
الخامس: استشعار حقوق الأخوة، وواجبات الإسلام العظيمة، وقواعده المتينة، كالتثبت والسماع من الأطراف الأخرى، والتفريق بين البينة والتزيين، وما شابه هذا مما ذكر في أكثر من موضع.
السادس: تقوى الله، وخشيته في السر والعلن، والنقل والسماع، والفتوى والقضاء.
[نداء لكل مسلم يحب عزة أمته]
اعلم يا من يحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويكره تفرق أمته وذلها: أن من أعظم أسباب تفرق المسلمين تعصبهم لجماعاتهم وأحزابهم وشيوخهم، الأمر الذي يعيق وحدة المسلمين التي هي سبب قوتهم وعزهم، وسيظل المسلمون متفرقين ذليلين، مقهورين فاشلين، مادام التفرق قائماً، والتعصب منهجاً، فهلا انتهينا عن ذلك رحمة بنا وبأمتنا.