ويصلح في معظم هذه المجتمعات الجاهلية المعاصرة على أنواعها وغيرها، وفي مثل هذه الظروف الراهنة من تكالب العدو، القوي المتربص، والحاقد الشرس، وما يعانيه المسلمون من ضعف في الإعداد الإيماني والمادي، وجهل في التوحيد والدين، وانتشار الذنوب والفساد، وهيمنة الظلم والتجبر والبطش، يصلح في مثل هذا، العمل بقاعدة:((لا مواجهة ولا مداهنة)) أي: لا مواجهة إلا بالدعوة والبرهان، ولا مداهنة للكفر والعصيان.
فلا نواجه في دعوتنا ولو ظُلمنا، أو سُجنا، أو قُتلنا {وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم: (١٢)]. ولا نداهن في ديننا، طمعاً في مصلحة، أو تحقيقاً لسياسة {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: (٩)].
وإن المداهنة تُميِّع الإسلام، وتحلق الدين، وللمسألة تفصيل فيما أشرنا إليه سابقاً، وسيأتي بعضه.
والله وحده المستعان، وهو المسؤول لرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً.
[ومن السنن المبتدعة في التغيير]
المظاهرات الفوضوية، والثورات الهمجية، والتفجيرات الدموية، والاغتيالات الشخصية، والانتخابات النيابية، وما شابهها من الأمور المستوردة المقلدة، التي لا يعرفها سلفنا الصالح، ولا أمتنا من قبل، والتي لم تجر على الأمة الإسلامية إلا البلاء، وصد الناس عن سبيل الله.
[وجوب السعي إلى التغيير]
بعد أن عرفنا الداء الحقيقي للمسلمين، والذي كان وراء نكستهم وذلهم، أصبح واجباً على المسلمين وبخاصة علماءهم ودعاتهم، السعي الحثيث لتغيير حال الأمة الإسلامية، ورد أفرادها إلى دينهم رداً جميلاً، واستنهاضها من كبوتها، وإعادة التمكين لها، كي تستأنف رسالتها، وتؤدي واجبها.