للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رؤوسهم، فوقعوا في شراك نصبت لهم، فارتد ذلك آثاراً سلبية عليهم، وعلى الدعوة، وعلى أمتهم.

وقد وقعوا في ذلك؛ نظراً للأعداد الغفيرة العائدة إلى الله، وندرة العلماء الراسخين، وغياب المربين، وقلة الأقوياء الأمناء من الموجهين، فضلاً عما يبيته العدو من مكر شديد، وخبث كبير.

وباتت الدعوة إلى الاعتدال من أولى الأولويات، والاعتدال: هو اتباع الشرع دون إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا تمييع، ومن جهل بأمر أو موقف فعليه بالراسخين من أهله، وليعلم المسلم أنه لا اعتدال إلا بالشرع، ومن خرج عن الشرع فقد تطرف (١)، ومن صور التطرف الخروج عن الراسخين.

ولقد وقع في التطرف كثير من الناس، غلواً أو تقصيراً، في الأحكام والأفعال، وقلما ترى ذاك الوسط المعتدل.

[ظهور التكفير والإرجاء]

فظهر التكفير بأبشع صوره، وبلغ به الحد تكفير أئمة الإسلام، والخروج على عامة المسلمين يكفرونهم ويذبحون أطفالهم وشيوخهم، وينتهكون أعراض نسائهم.

وقابل هذا: إرجاء بأسخف صوره، بلغ حداً، أن جعل أعداء الإسلام الملحدين مؤمنين، وأئمة الكفر من الشيوعيين واللادينيين، ولاة أمر كثير من المسلمين، يجب طاعتهم، وتحرم معصيتهم، حتى منعوا الخروج على المستعمرين، وسوغوا لهم الحكم بما شرعت الشياطين.


(١) التطرف يشمل الذين يتطرفون عن الحق غلواً في الدين، أو تقصيراً فيه، أو تحريفاً لأحكامه.
وقد خصت اللفظة في الآونة الأخيرة من قبل خصوم الإسلام بالغلاة، وبكل من يتمسك بهذا الدين، ويجاهد لإعلاء كلمته ولو كان على سبيل الاعتدال.

<<  <   >  >>