للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السياسة: أنواعها، أحكامها]

السياسة سياستان:

سياسة شرعية، وسياسة بدعية.

فالسياسة الشرعية: فهي رعاية الناس وحكمهم بما أنزل الله، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسنة الخلفاء الراشدين.

كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ... )) [رواه أبو داود (٤٦٠٧) والترمذي (٢٦٧٦) عن العرباض بن سارية، وصححه شيخنا الألباني في صحيح أبي داود: (٣٨٥١)].

وهي ما يسميه بعض العلماء ((الأحكام السلطانية)) أو ((السياسة الشرعية)).

والقيام بالسياسة الشرعية من أعظم الواجبات، وهي من أهم الضروريات، ولها منزلة بالغة في الدين، وأهمية في حياة المسلمين، قال شيخ الإسلام: "يجب أن يعرف: أن ولاية الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها ... " (١)

[ص ١٦١].


(١) عقب بعض المتمنطقين المترصدين المتحسسين من كلمة "السياسة" رادّاً عليّ، وعلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((ولاية الناس من أعظم واجبات الدين)) فقال المتمنطق معقباً ((بل هي من المسائل الفقهية التي ذكرت في كتب الفقه)) فلم يفهم هذا المتعالم الفرق بين موضع البحث في الكتب، وموضع الإمام في الأمة على الأرض فظن هذا المسكين: أن أهمية المسألة في مكان بحثها، لا بدليلها وأهميتها في واقع المسلمين، فهوَّن - دون أن يشعر - بشعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، وهي الإمامة والخلافة، وما يتبعها من بيعة وطاعة، وما يترتب على ذلك من إيمان وأمان، ولو أدرك هذا المتعالم ما معنى السياسة على حقيقتها الشرعية، لما قال ما قال، ولما عقب على كلام شيخ الإسلام، إذ لولا الخلافة والأحكام السلطانية، لضاعت الحقوق، ووقع الظلم والفساد، بل لفسد العباد، وخربت البلاد، والحساسية هذه لا معنى لها إلا الهروب من السياسة البدعية، أو دفاعاً عن الغاشمين بغير حق، للسقوط في المداهنة الباردة، ورد الحق الأبلج، وإذا غلا قوم في أمر فلا يجوز أن نرد عليهم بتساهل، وإذا أفرطت جماعة في قضية فلا يجوز لنا أن نفرط بها، كمن يهرب من نار إلى نهر فيغرق فيه .. وقد يظن ظان أن الناقد في أقل أحواله طالب علم وهو في الحقيقة ليس من أهل العلم ٧، فضلاً أن يكون من أهل الاجتهاد حتى يرد على شيخ الإسلام، بل مايزال لسانه يخلط بين = = العربية والفرنسية، ولولا خشية الاغترار به لذكرت اسم المصدر، ولكنه متخرج من المدرسة التي تربي أتباعها على ((جرحوا جرحوا))، ولو كنتم بغير علم ولا خلق ولا لغة ولا فهم، وعلق الشيخ عيد على ذلك: ((ولا دين! ما تركوا العلم، وما حكمتم على العباد)).

<<  <   >  >>