وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((دب إليكم داء الأمم الحسد والبغضاء والبغضاء الحالقة؟ لا أقول تحلق الشعر بل تلحق الدين ... )) الحديث.
وعلى هذا قس قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا حسد إلا في اثنتين)) فكأنه - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا كان لا بد من أن تحسدوا، فاحسدوا هذين، بمعنى الغبطة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقدر ولا يعجز أن يقول: اغبطوا هذين، فلماذا جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقول ربما يشكل على بعض الناس؟ ! وفي الحقيقة إنه لا يشكل إلا على الجاهلين، أو المترصدين أصحاب النيات السيئة، أما أصحاب النيات الحسنة، والأصول الصحيحة، والعلم المفيد، فلا يشكل عليهم هذا.
ولذا يخشى على من يعيب هذا الأسلوب بدعوى أنه مشكل، وخشية أن يسمعه العامي وغيره، أن يعيب على أسلوب القرآن، وأسلوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يدري! فإن القرآن وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - سيسمعه طبقات مختلفة من البشر، وأصحاب العقول المتفاوتة.
فبهذا يتبين لك: أن ما صدر مني في هذا الشأن، هو أسلوبٌ عربي متين، وهدي نبوي مبين، ومع ذلك استغله من استغله في التشويش، من المترصدين من أغبياء أو خبثاء، فحملوه وطاروا به، كأنهم لا يعرفون لغة، ولا يفهمون أسلوباً، ولا يحسنون خلقاً، وصدَّقهم وأفتاهم المتعجلون، والذين لا يتثبتون، وتم قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} [الفرقان: (٢٠)].
[لكن هل يجوز إلقاؤه على الناس]
ومنهم من يقول: لاشك -بما سردت من أدلة- بصحة هذا، وأن هذا أسلوب عربي مبين، ولكن يخشى أن لا يفهم، وقد يسمع بعضهم أول كلامك ولا يسمع آخره، فيحمله على غير ما أردت.
قلت: هاهنا مسألتان: الأولى: فهم الآخرين، والثانية: دعوى الخطأ.