للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما دعوى أن بعض الناس قد لا يفهمون مثل هذه الأساليب، فهذا وارد، ولكن كنت أستعمل مثل هذا الأسلوب في المناظرات، والمحاضرات الدولية.

فلهؤلاء يقال: أما كان الله يقدر أن يقول: ((ليس للرحمن ولد وعليكم أن تعبدوني)) بدل قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف (٨١)]. والقرآن سيتلى على الأعاجم، وعلى العوام، وعلى من لا يفهم الفعل من الفاعل إلى يوم القيامة.

فلماذا إذن هذا الأسلوب؟

أما كان بوسع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجيب معاوية: الكهانة كذب وحرام، وكفى، أليس هذا أوضح -في ظن المنتقدين- من قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فمن وافق خطه فذاك ... )) أما كان يستطيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: إبراهيم مبرأ من الشك بدل قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا أولى بالشك من إبراهيم)) [رواه البخاري (٣١٩٢) ومسلم (١٥١) عن أبي هريرة]. إذ قد يتبادر إلى الذهن، أن الشك وارد على النبيين محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام، والأمر ليس كذلك، فلماذا -إذن- اتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الأسلوب، وسوف يسمعه من لا يفهمه، وعلى زعمكم، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يضلل الناس؛ لأنه اتبع أسلوباً لا يفهمونه، ورب قارئ يقف عند قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} [الماعون: (٤)]. أو ينقطع المذياع أو المسجل، فلا يسمع السامع ما بعدها، فيعتقد أن الويل للمصلين، أما كان الله قادراً على أن يقول: فويل للساهين عن صلاتهم، فلماذا -إذن- هذا الأسلوب.

أو قد يسمع أحدهم قول عمر: "نعمت البدعة هذه" فيظن ذلك مدحاً للبدع، ولا يفرق بين البدعة الشرعية، والبدعة اللغوية، وقد كان ذلك، إذ احتج المبتدعة بقول عمر، فهل يلام عمر - رضي الله عنه -، أم يلام الذين لا يفقهون، والذين لا يتثبتون، فلماذا جاءت الآية بهذا الأسلوب، ولماذا استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الأسلوب، ولماذا نطق عمر بهذا الأسلوب، ووالله لو لم يكن هذا الأسلوب نافعاً نفعاً عظيماً، لما ورد في القرآن الكريم، وعلى لسان رسول رب

<<  <   >  >>