ولما كان للكتاب والسنة أكثر من فهم، ويمكن أن يسلك بهما أكثر من مسلك، أراد الله توحيد الفهم والمنهج، ودفع الخلاف والتفرق في الفهم والعمل.
وذلك بأن أوجب الله على المسلمين التزام منهج السلف الصالح لضبط فهم الكتاب والسنة؛ لئلا يزيغوا عن المنهج الحق إلى فرق الضلال، وجماعات الأهواء، وهذا الضابط يشمل الفهم والعلم والعمل، والدعوة وطرق التغيير، وإقامة شرع الله في الأرض.
أي: فإن آمن الناس بمثل ما آمن به أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد سلكوا سبيل الهداية، وإن أعرضوا عن منهجهم، فقد سلكوا سبيل الغواية، واستحقوا الضلالة في الدنيا، والعذاب في الآخرة، قال سبحانه:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: (١١٥)].
واعلم -رحمني الله وإياك- أن مذهب إمام من أئمة السلف فضلاً عن غيرهم، ليس مذهباً للأمة، ولا ملزماً لأحد من المسلمين، وإنما الملزم كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، واتفاق لم يرد خلاف فيه عن أحد، أو ما اشتهر عن السلف من غير نكير من بعضهم، ممن هم على السبيل.