وأما عند الله: فميزانهم التقوى، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: (١٣)]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)) [رواه مسلم: (٤/ ١٩٨٦)، وأحمد:(٢/ ٤٨٤)، وابن ماجه (٤١٤٣)].
وجعل من يدخل في دينه كلهم أمة واحدة، لا شعوبية بينهم تشتتها، ولا حزبية تفرقها، قال تعالى:{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: (٥٢)].
[الوجه الثالث]
من أكبر الأدلة على عدل هذا الدين ونشره للسلام، ذلك الواقع الذي يعيشه المسلمون حين يعملون بهذا الدين على علم وصدق، إذ ينعمون بالأمن والسلام، والتعاون والتكافل.
فيعدل فيهم راعيهم، وهم يطيعونه ولو قصر فيهم، ويُعين قويُّهم ضعيفهم، ويكفي غنيهم فقيرهم.
ومن أكبر البراهين على هذا: الواقع الطيب الذي عاشه الذين عملوا بالإسلام قلباً وقالباً، في العصور الأولى أيام الفتوح، فما نزل الفاتحون بلداً إلا وسادها الأمان، ولا حل مصراً إلا وعلاها العدل، ولا أدل على ذلك من دخول الناس -وقتئذ- في دين الله أفواجاً، واستمرارهم على هذا الدين، وقيامهم بعد مئات السنين -في أفغانستان، وفي الشيشان وفي غيرها- بنصرة هذا الدين، والمطالبة به، في الوقت الذي تتهاوى فيه عروش الشيوعية، وتذوب دعوة الصليب، ويخرج المستعمر الصليبي مقهوراً ملعوناً من كل البلاد التي استعمرها، ولم يستطع أن يُنّصر مسلماً واحداً.
كل ذلك دليل على أصالة هذا الدين، وما فيه من تعليمات سامية.
اقرأ إن شئت سورة الحجرات، وتدبر ما فيها من الآيات العظيمات {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ثم تدبر كذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وكونوا عباد الله إخواننا)) [البخاري: (٦٠٧٦) في الأدب، ومسلم:(٢٥٥٩)، في البر والصلة، عن أنس].