بالمخبر، أو ترصداً بالمخبر عنه، نرد الأنباء كراهية للمُنبئ، يستعين بعضنا على بعض بذي السلطان، ثم نلوم غيرنا، ثم بعد هذا كله نسأل الله نصرنا.
تالله إن هذا لفعل المخادعين، ووالله إنه لتفكير الساذجين.
فنعوذ بالله من الحَورِ بعد الكَورِ.
[أمتنا أمة البقاء والنصر]
ومع هذا الذي تعانيه أمتنا كله، فلا خوف عليها، ولا هي هالكة، فأمتنا أمة الصمود والثبات، وأمتنا أمة التمكين والعلياء، وأمتنا أمة العز والبقاء، ولقد مرّ بأمتنا من المحن والصعاب ما ظن ضعاف الإيمان، وأعداء الإسلام أن لا قيام لها، ويأبى الله إلا أن تبقى، وستبقى، فهو وَعْدُ الله الذي لا يخلف الميعاد، ووعد الله هذا استجابة لدعاء رسوله - صلى الله عليه وسلم -: (( ... وسألته أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم فأعطانيها ... )) [رواه الترمذي (٢١٧٥) عن خبّاب بن الأرت وصححه الألباني في صحيح الترمذي (١٧٦٧)].
وفي شطر حديث قدسي، قال تعالى -إجابة لدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ولا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم مَن بأقطارها)) [رواه مسلم (٢٨٨٩) عن ثوبان].
فهي إذن أمة النصر، وهي أمة البقاء، ولو دارت عليها الدائرة يوماً، ولو عضها الدهر وقتاً، فالنصر قادم والله دون استثناء {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: (٢١٤)].
وسيعلم الذين ظلموا -إذا ما أتى نصر الله- أي منقلب ينقلبون.
وليعلم الجميع: أن الله - عز وجل - لا يحب تأخير النصر والتمكين عنا، ولكنه سبحانه ينظر ما نحن عاملون، فإن رأى سبحانه أنّا نستحق النصر عجّله ولم يؤخره {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: (٩)].
فإن وعد الله لهذه الأمة ما يزال قائماً، ونصره ما يزال قريباً، قال تعالى:{وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: (٦٠)].