للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: ٢٣]. وواقعنا الداخلي لا يقوى على النهوض فضلاً عن المواجهة.

فالمسلمون: أحزاب متفرقة، وجماعات متناحرة، ومناهج دعوية متناقضة، وأشياخ كسالى، وباحثون متقوقعون، وأفراد فوضويون، (١) إلا من رحم الله من الصالحين، حتى إذا ما خلت الساحة من الدعوة -إلا قليلاً ممن يدعو إلى الله على صراطه المستقيم- استغل هذا الفراغ دعاة الشر، وتعاون أهل البغي، فانتشر بذلك الفساد، وكثر الابتداع والانحراف، حتى عاش معظم أفراد أمتنا في جهل عضوض، وغفلة مهلكة، وهوى متبع، ودنيا للعوام مفسدة، وللملتزمين مغرقة، وللدعاة مشغلة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، ورعاة، وما أدراك ما الرعاة، كثير منهم غافلون، وعن الذكر معرضون، بل منهم من للإسلام والمسلمين محاربون، إلا من رحم الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

اللهم هذا حالنا الضعيف لا يخفى عليك، وهذا أمرنا المضطرب بين يديك.

اللهم لا تكلنا لأحد إلا إليك، نستغفرك اللهم ونتوب إليك.

في هذه الظروف العصيبة، التي تمر بها أمتنا، والتي أحوج ما نكون فيها إلى وحدة الصف التي لا تتحقق إلا بوحدة العقيدة، ووحدة المنهج، والعمل على الطريق المستقيم، طريق الكتاب والسنة وسلف هذه الأمة.

وفي هذه الظروف العصيبة، التي أحوج ما نكون فيها إلى إحياء الأخوة والمحبة، والتناصح والألفة، ترانا نتتبع عثرات إخواننا، يتقصَّد بعضنا تحطيم بعض، نتعمَّد فضح دعاتنا، نترصد أخطاء علمائنا، نستبدل النصيحة بالفضيحة، والوفاق بالشقاق، والأخوة والمحبة بالبغضاء والحسد والحقد! .

ردود على ردود، افتراءات على افتراءات، اتهامات تلو الاتهامات، فقدنا طرق الاستدلال، ضيعنا حقيقة الدليل، هجرنا أسباب التثبت، دليلنا حظوظ أنفسنا، نقبل الأخبار حباً


(١) ليس المقصود كل شيخ، أو كل باحث أو فرد، وإنما هو وصف لأحوال، وذكر لوقائع.

<<  <   >  >>