للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[منهج الجرح والتعديل]

دندن بعضهم كثيراً على قاعدة: ((الجرح مقدم على التعديل)) ثم جعلها سلّماً لجرح العباد، وتحقيق المراد، حتى أصبحت منهجاً يربى عليه الطلاب، وينشأ عليه الحدثاء، فحصل بذلك من الفساد بين العباد الشيء الكثير والكبير، وقد غفلوا عن أن هذه القاعدة ليست على إطلاقها، وأن للجرح شروطاً وأحكاماً.

قال السبكي: "ضرورة نافعة، لا تراها في شيء من كتب الأصول، فإنك إذا سمعت أن الجرح مقدم على التعديل، ورأيت الجرح والتعديل، وكنت غراً بالأمور، أو فَدْماً (١) مقتصراً على منقول الأصول، حسبت أن العمل على جرحه، فإياك ثم إياك، والحذر كل الحذر من هذا الحسبان.

بل الصواب عندنا: أن من ثبتت إمامته وعدالته، وكثر مادحوه ومزكوه، وندر جارحوه، وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرح، من تعصب مذهبي أو غيره، فإنا لا نلتفت إلى الجرح فيه، ونعمل فيه بالعدالة. وإلا فلو فتحنا هذا الباب، وأخذنا تقديم الجرح على إطلاقه، لما سلم لنا أحد من الأئمة، إذ ما من إمام إلا وقد طعن فيه طاعنون، وهلك فيه هالكون. [قاعدة في الجرح والتعديل/ صـ ١٣].

- لا يقبل جرح من أحد إلا أن يكون ثابتاً مفسراً، فلا يجرح المسلم بالاجتهاد ولا باللوازم، ومعظم جراحات اليوم بالاجتهاد والظنون، وباللوازم العجيبة.

اشتكى إلينا شاب من أهل السنة والجماعة هَجْر أخيه، ولما سئل أخوه، قال: قاطعته لأنه مبتدع، فقد رأيته مع غالين في التكفير، فانظر كيف جرحه وهجره بمجرد الرؤية.


(١) الفدم: من لا فهم عنده كبير، ولا قدرة له على تميز الحق من غيره.

<<  <   >  >>