للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن زعم أن هذا خطأ في الأسلوب والمعتقد، فقد أبعد النجعة: فالله تعالى يقول: {لا جناح عليكم فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم} [الأحزاب: (٥)]. وإخواننا يصرون على أنهم اطلعوا على القلب ولذلك حكموا بما حكموا به.

ثم إن عدد المرات التي استخدمت فيها هذا الأسلوب خلال خمس وثلاثين سنة من الدعوة إلى الله، لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، أي: بمعدل كل سبع سنين مرة، فهل هذا الأمر يحتاج إلى كل هذه الشنشنة والدندنة، اللهم اهدنا إلى سواء السبيل، وافتح بيننا وبين إخواننا بالحق، وأنت خير الفاتحين.

ومع هذا كله، أعترف أني أخطأت في تقدير عقول الناس، وفي أخلاقهم، ولو أني استقبلت من أمري، ما استدبرت ما فعلت (١).

لا لأن هذا الأسلوب غير جائز، ولكن لأني ما كنت أظن أن الغباء والحقد والحسد يُعمي إلى هذه الدرجة، ويدفع إلى الكذب والافتراء، واقتطاع الكلام عن سياقه وسباقه، ولو كنت تركت هذا الأسلوب لتجنبت ترصدهم، وإثارة حقدهم وحسدهم، وإشغال الناس بثرثرتهم، ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ... } [الأعراف: (١٨٨)].


(١) اجتمع المترصدون لفيفاً، ثم جاؤوا صفاً صفا، يتقدمهم كبيرهم الذي علمهم الطعن والتجريح، ينقبون الكتب، يشنفون الآذان الطويلة، ,لسماع الأشرطة الحديثة والقديمة، لعلهم يعثرون على خطأ في العقيدة، أو في المنهج، ليرووا بذلك غلهم، وليشفوا حسدهم، فلما لم يعثروا على بغيتهم، انقلبوا خائبين، ثم خافوا أن يشمت بهم الشامتون، وأن يسخر منهم الساخرون .. فلم يجدوا ما يتعلقون به غير الأسلوب، ليؤذوا أخاهم، وبه يمكرون، ثم يكتبون .. {إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها} فرد الله كيدهم في نحرهم، وأخرجهم الله منها وهم راغمون، وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون.

<<  <   >  >>