هذه قاعدة تربوية عظيمة في مجال الخلاف الاجتهادي، وأطلقت في وجوه الذين يعملون بقاعدة (نجرح ولا نصحح) و (نحكم ولا نُعلِّم) و (نطعن ولا ندعو) أولئك الذين يتجاوزون حدود النقد العلمي إلى أعيان المجتهدين، والذين يبدؤون تربية الشباب الذين لا يحسنون قراءة القرآن، ولا يتقنون شروط الصلاة، ولا يعرف كثير منهم -الفاعل من المفعول- يربونهم على تجريح العباد، والطعن بالنجباء، حتى تطاولوا على العلماء الكرام، وأحرقوا بعض كتبهم كالنووي، والذهبي، والعسقلاني، وابن باز، والألباني، وغيرهم.
وأشغلوهم -بالطعن والتجريح- عن العلم والعمل والدعوة، فترى هؤلاء الشباب لا هم لهم ولا عمل، سوى الانتقال من مجلس إلى آخر، ومن بلدة إلى أخرى، يطعن بهذا، يُخبّث ذاك، يجرح هؤلاء، يدخل في نيات أولئك، همه تتبع العثرات، وإلصاق الإلزامات، فإن استحفظته قرآناً وجدته لا يحفظ، وإن سألته عن تفسير آية، وجدته لا يفقه.
لذا كان لزاماً علينا التصدي لهؤلاء بالقاعدة التربوية (نصحح ولا نجرح) أو (نخطِّئ ولا نطعن).
أي: نقوم بتصحيح الكلام، ولا نشغل أنفسنا بتجريح العباد، والدخول في النيات (خبيث، دجال، كذاب، مدلس، منافق).
ولا شك أن تصحيح الكلام يتضمن بدهياً التخطئة، وهو أمر لا معرَّة فيه، ولكن المعرّة في إشغال أنفسنا في عين المتكلم لا في كلامه، وهذه القاعدة، كقول سلفنا الصالح:(ينظر في القول لا في القائل).
ومن أنصف: وجدها قاعدة تربوية مهمة، لتنشئة الصغار والمهتدين عليها، وصرفهم عن الحكم على الأعيان، وتجريح الدعاة والعلماء إلى العلم النافع، والعمل الصالح، والدعوة المثمرة.