تتلخص السلبيات التي أظهرتها هذه الفتن في الأمور التالية:
- فقدان التأصيل عند معظم الشباب، حتى أصبح كثير منهم حيراناً، لا يعرف متى يختلف ومتى يتفق؟ ما هو الخلاف المعتبر؟ ما هو خلاف الضلال؟ ما الفرق بين الجرح الذي يقتضي المفارقة؟ وجرح الأقران الذي لا يلتفت إليه؟ لا يفرق بين الكلام العاطفي المؤثر بلا برهان، وبين النقد العلمي المدلل بسلطان.
شريط يأخذه يمنة، وخبر يأخذه يسرة، لا يدرك أنه لا يخلو إنسان من الخطأ، وأن الخطأ أمر نسبي، وأنه ليس كل خطأ يُتكلم فيه، وليس كل خطأ ينشر بين الناس، وليس كل خطأ يفارق عليه، وإذا ذهبنا نفارق كل مخطئ لم نجد أحداً نتفق عليه أو معه.
فقدانه قواعد معرفة الحق، فهو لا يدري أين الحق؟ وكيف يصل إليه؟ ! ما الفرق بين العاطفة والدليل، وبين البرهان والتزيين، فتجده مع المتباكي، أو مع أول شاكي.
خلل في التقوى، وتجلى ذلك: في الانتقام للنفس، وفي الكذب الذي انتشر بين الناس، وما قام به بعضهم من تدليس في الأسئلة، وتحريف في القواعد، ووشاية وتحريش.
كما ظهرت قلة التقوى: في إثارة الفتنة بأسلوب عجيب، أسلوب التباكي، وأسلوب المناصح، ومن أعظم ما كشفت عنه هذه الفتن، تظاهر بعضهم بالتزام كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا ما دعي إلى ما أمر به الكتاب والسنة من التحاكم عند الخلاف، نأى بجانبه، وأعرض عن أمر ربه.
خفة في العقل، وقلة في الفهم، تجلى هذا، في الحيرة التي غشيت بعضهم، وسرعة التأثر والانقياد والانقلاب لأي خبر يرد، أو أي جرح يصدر، فهو يرى الرأي مساءً، ثم ينقلب عنه صباحاً.
اتباع الهوى: وواضح هذا بظهور العصبيات بمختلف أشكالها، فظهر عند بعضهم العصبية المذهبية، وعند آخرين العنصرية البلدية، بلدنا، علماؤنا، شعبنا، وأوضح من هذا: التعصب