للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن حسن دين الرجل: الحكم على الأعمال، وتجافي الحكم على الأعيان ما استطاع، فإن الحكم على العمل من العلم والفتوى، ومن الورع والتقوى، والحكم على الأعيان من القضاء، وفرق كبير بين المفتي والقاضي، فكن متعلماً ومعلماً ناصحاً داعياً، ولا تكن قاضياً -ما استطعت- فإن من أطلق الحكم بعلم لن يعاقب، ومن قيد وعين حوكم، قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: ((من ولي القضاء ذبح بغير سكين)) [أبو داود: (٣٥٧١)، والترمذي: (١٣٢٥)، عن أبي هريرة، وصححه الألباني في صحيح أبي داود: (٣٠٤٩)].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة)) [أبو داود (٣٥٧٣) ابن ماجة (٢٣١٥) عن بريدة، وصححه شيخنا الألباني في سنن أبي داود (٣٠٥١)].

ولأجل هذا كانت هذه القاعدة العظيمة: "إذا حكمت حوكمت، وإذا تعلمت هديت، وإذا دعوت أجرت" وسيأتي شرحها وأدلتها.

فبقدر ما يتحول المسلم -وبخاصة الشاب الناشئ في طلب العلم- عن الحكم والقضاء، إلى العلم والدعوة، بقدر ما يكون منتفعاً ونافعاً.

وبقدر ما يتحول إلى الحكم والقضاء، وينشغل عن العلم والدعوة، يكون للوقت مضيعاً، وفي العلم مقصراً، وفي الثمر مفرطاً، وللإثم مُعَرّضاً، فليست ثمرة العلم والدعوة، كثمرة الحكم والقضاء، وتتبع عورات الناس.

[ونختم هذه المسألة بنصائح وتوجيهات]

الأولى: وجوب طلب العلم قبل الحكم على الخلق، والعدل فيه والتؤدة، فالتكفير حكم، والحكم يحتاج إلى تقوى صادقة، وعلم غزير، وفهم دقيق، وبراءة من الهوى.

الثانية: أن لا يكون شغلنا الشاغل وهمنا الأكبر.

الثالثة: التفريق بين الكفر المخرج من الملة وغيره بضوابط، كالاستحلال، والتكذيب، والرد، والاستكبار، والاستهزاء، وقصد الفعل المكفر وقوله.

<<  <   >  >>