وقد وردت في الخلاف المعتبر بين العلماء؛ لحماية أهل السنة، علمائها ودعاتها من ألسن الحدثاء المتعالمين، والحزبيين الجاهلين.
وليس فيها نقض لقاعدة أهل الحديث الصحيحة:(نعدل ونجرح) فأين هذه من هذه، فالقاعدة لا تقول (نعدل ولا نجرح) وإنما تقول: (نصحح ولا نجرح) فالأولى: تخص العلماء في شأن علم الرجال، والثانية: تخص الناشئة، في شأن أقوال العلماء والدعاة من أهل السنة والجماعة.
فهل الأخ المعترض المترصد، يريد أن يشغل الشباب بالتجريح؟ كما يفعل هو بدعاة السنة! (خبيث، ماكر، مغرور) ولا تشمل أهل البدع، فإنه من المعلوم جواز تجريح أهل الضلالة، إن لم يكن واجباً.
كما لا تمنع هذه القاعدة: من تجريح الأعيان الذين ثبت خبثهم، وكيدهم للإسلام وأهله، ولكن ليس هذا شأن الحدثاء، بل هو شأن أهل العلم النبلاء.
وقد فهمها بعضهم: أنها ناقضة لمنهج الأنبياء في الدعوة إلى الله، ولا علاقة البتّة بين هذه وتلك، لكن لله حِكَمٌ في تفاوت عقول الناس، وأصحاب الدخول في النيات.
وجواباً لهؤلاء يقال: هل الأَوْلى -وبخاصة في أول الطريق- أن يربى الناشئ على العلم والنظر في القول، ويعرض عن الأعيان تعديلاً أو تجريحاً؟ أم الأَوْلى أن يجعل شغله الشاغل، التجريح والتعديل والمفاضلة؟ ! أفصرف الطالب والناشئ عن الانشغال بتجريح العباد إلى تصحيح المقال بالعلم يعد ضلالاً؟ ! اللهم هداك (١).
وخلاصة المقصود من هذه القاعدة:
إذا ظهر خطأ من رجل أصوله صحيحة:
(١) زعم بعضهم أني أردت بهذه القاعدة: ((نصحح ولا نجرح)) أهل البدع، وسأل أحد العلماء الفضلاء، فأجاب إجابة صحيحة .. بناء على افتراء المفتري، ثم عمد المزور إلى نشر إجابة الفاضل بأسلوب خبيث، ناسباً التقييد لي، ليظن المتعجل الذي لا يتثبت؛ أن فتوى الفاضل تخص القاعدة الصحيحة، والله للمفترين بالمرصاد.