ولذلك أمر الله بالاعتصام بحبله، فقال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: (١٠٣)]. وقال تعالى:{وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: (٤٦)]. ويسيطر عليكم أعداؤكم، ويدوسوا كرامتكم، ويسلبوا أموالكم، ويشردوا شبابكم.
فكان ذلك، إذ اعتصم الناس بحبل جماعاتهم وأحزابهم وشيوخهم، فكان التنازع والفشل.
واعلم يا من يحب الله ورسوله، ويحب أن تكون أمته عزيزة الجانب، راسخة التمكين: أن من أعظم أسباب التمكين والعزة: وحدة الصف، وسلامة الصدور، وأن ذلك لا يتم إلا بترك التعصب، والتمحور حول الحق، والبحث عنه بالدليل، والاعتصام بحبل الله لا بحبل الجماعات والأحزاب والشيوخ، فإن فعلوا ذلك، فقد وفقوا للحق، وتحققت وحدة أمتهم وعزها.
ثم إن إصرارنا على هذا التعصب، يعنى بقاء أمتنا زبراً بجماعاتنا، فاشلين في أنفسنا، أذلة على أعدائنا. فمتى نتوحد إذن؟ ! ومتى نتفق؟ !
إننا نفرق أنفسنا بأيدنا، ونذل أنفسنا بتقصيرنا.
ولو أنا جميعاً بحثنا عن الحق، لالتقينا فيه، ولزالت بذلك فرقتنا، وتوحدت كلمتنا، وأُعِزِّتْ أمتنا.
اللهم وحد هذه الأمة، وعجل فرجها، يا من لا مجيب سواه، ولا قدير على ذلك إلا هو، لا ملجأ ولا منجا من ذلك إلا بك وإليك، ولا حول ولا قوة إلا بك.