الأولى: أنهم اتبعوا المتشابه، وعدلوا عن المحكم، وهذا مما حرمه الله سبحانه. الثاني: أن هذا الخطأ لا يعدو أن يكون خطأ في الأسلوب من غير قصد، قال تعالى: ... {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم .. } [الأحزاب: (٢٥)]، وقال تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم .. } [البقرة: (٢٢٥)]. والحمد لله الذي جعل الحكم إليه، ولم يجعله للذين لا يفرقون بين الخطأ في اللفظ، وتعمده بالقلب. الثالث: أن خطأهم في الدخول في النيات، وإشعال الفتن، أعظم بألف مرة من خطأ في عموم لم يقصد، أو إطلاق لم يقيد.
وإن الضلال -وليس الخطأ- هو الذي يلحق من يفسر المجمل بفهمه، أو يخصص العام برأيه، أو يقيد المطلق بما يشتهي، ثم يلزم بعد ذلك الإلزامات، ويجرح النيات، ويبني الأحكام على الخيالات، فيضلل ويبدع، ويحذر، ويهول من استعمال العموم والإجمال، ولو حققت في الأمر لوجدت الخطأ في فهمه، والفساد من إلزاماته، ولو نظرت في حاله، لوجدته قليل الفهم، سيء الظن، حقود الطبع، متربص القصد (٢) وقد قام أصحاب هذا المنهج من متربصين وحاسدين بنخل كتبي، والأصغاء إلى محاضراتي منذ خمس وثلاثين سنة، منذ بدئي بالدعوة إلى يومي هذا، وبلغ ما أحصوه كلهم من خطأ -على زعمهم- في نصوص عامة أطلقتها، لا يعد أصابع اليد في حياتي الدعوية كلها .. أي بمعدل خطأ كل خمس سنين .. فالحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة. وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود وأكبر خطأ في هذا المقام أتوا به وشنعوا عليه، أني قلت: إن الأخلاق تلازم العقيدة كتلازم الماء للشجر، والروح للجسد، ومع أن العاقل المنصف يفهم قصدي، وهو قوله تعالى: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}، ومع أني قادر على تأويله تأويلاً صحيحاً لغة وشرعاً، لكن سأترك هذا العموم دفعاً للريبة، فهل -يا ترى-ستشفى صدورهم، أم سينقبون عن عموم آخر، اللهم اهدنا وإخواننا سواء السبيل.