وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أثقل شيء في الميزان حسن الخلق)) فهل يحتج بهذا العموم على أن الأخلاق أثقل من التوحيد؟ والجواب عن مثل هذا العموم: أنه سبق في أذهان المخاطبين -وهم ها هنا الصحابة- أنه لا شيء أثقل من التوحيد، فلا يضرهم بعد ذلك أن يخاطبوا بمثل هذا الإجمال في الحديث:((أثقل شيء في الميزان حسن الخلق)).
وللتخصيص والتقييد صور كثيرة، ليس هاهنا محل تفصيلهما، وإنما أردنا بهذا إشارة وتنبيهاً إلى أنه قد يخصص العام، ويقيد المطلق، أحياناً بأصول المتكلم العامة، أوبمفهوم الخطاب، أوبواقع الحال.
ومثال ذلك: لفظة ((الناس)) الأولى من قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: (١٧٣)] مخصوصة ببعض الناس، بل بمن نقل الخبر فحسب، وهم قلة قليلة جداً، رغم عموم لفظة الناس، و ((الناس)) الثانية هي غير الأولى، وهي مخصوصة بالأحزاب الذين جمعوا أنفسهم لقتال المؤمنين. (١)
(١) لكن .. كيف يفهم هذا قوم لا يحسنون النطق بالعربية، فضلاً عن أن يفهموا هذه القواعد، وكيف يتصرف قوم حيال هذه الخلافات تصرفا سليماً، وهم لم يتربوا إلا في مدارس سوء الظن، وتعمد الترصد، والدخول في النيات .. اللهم إليك نشكو جهالنا، وتطاول الأحداث على علمائنا ودعاتنا.