للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غليظ العقوبات، فهذا لا ينكره إلا جاهل أو ظالم، وقد رأيت من هذا عجائب" (١) [مجموع الفتاوى ٤/ ٢٤].

وقال ابن ناصر الدين الدمشقي: "كما أن جماعة من علماء الأثر بالغوا في الإثبات، وقبول الضعيف والمنكر، ولهجوا بالسنة والاتباع (٢) فحصل الشغب، ووقعت البغضاء، وبدّع هذا هذا، وكفّر هذا هذا" [الرد الوافر ٢/ ٢٠].

قلت: ونحن كذلك قد رأينا في زماننا ما هو أعجب، ممن ينتسب إلى السلفية، غير أن هؤلاء يكفرون، وهؤلاء يبدعون.

فهم في منهجهم كالتكفيريين من حيث سوء الخُلق، والتعدي على الخلق، وبذاءة اللسان، والاتهام بغير تثبت.

وكثيراً ما كان شيخنا الألباني وغيره من علماء الدعوة، يصرحون على الملأ بأخطاء السلفيين، وكان شيخنا يتأوه ويزفر من ذلك، ويكرر قولته المشهورة: "لقد سعينا في التصفية، ولم نسع في التربية".

وكان حفظه الله يقول: "أصيبت أمتنا في عقيدتها، وأصيب السلفيون في أخلاقهم". (٣)


(١) قلت: رحمك الله ياشيخ الإسلام .. ما أعدلك؛ وما أصدقك في واقعك، بل وفي واقعنا؛ وكأنك تعيش بين أظهرنا .. وإذا كان ابن تيمية رأى العجائب في بعض أهل الحديث، فقد رأينا في بعضهم البلايا من الكذب والتدليس. والتحريش والتحريض.
(٢) قلت: رحمك الله من موفق، فإن كثيراً ممن يثيرون الفتن في مراكز المسلمين، يلهجون بالسنة والدين، والاتباع والبراءة من أهل البدع، فما أشبه اليوم بالبارحة.
وضابط الفرق بينهم وبين المتبعين حقاً الذين يتهمون ظلماً، هو اتباع الراسخين من الأئمة كالألباني وابن باز في زماننا، فمن تركهم واتبع من هو دونهم في إثارة الفتن كان من أولئك.
(٣) ومن العجب أن تجد قوماً يلوكون بألسنتهم أعراض العلماء والدعاة .. بالاسم الصريح، والوصف القبيح .. حتى لاكت ألسنتهم الشيخين الكبيرين وغيرهما من العلماء، فأما الألباني فقالوا عنه: (سلفيتنا أقوى من سلفيته)، وأما ابن باز حفظهما الله فقالوا: (مداهن لأهل البدع)، (طعن السلفية طعنة خبيثة)، فقلما ينجو داعية أو عالم من لسانهم، ويرون هذا من النصح.
وإذا ذكر رجل سلبية بعامة، دون تعيين صاحبها لإصلاحها، قالوا: هذا طعن في الطائفة المنصورة ..

فعلى منهجهم هذا في الطعن، يجوز لهم ذلك الطعن في الأفراد تعييناً ولو كانوا علماء، ولا يجوز لغيرهم النصح بعامة، والظاهر أن هؤلاء قد فقدوا عقولهم قبل تقواهم. ولو حوسبوا على منهجهم: لكانوا هم الذين يطعنون بالسلفية لأنهم يطعنون بأئمتها.

<<  <   >  >>