فإذا ما تعارضت الدعوة يوماً ما، في ظرف ما، في مكان ما، تحت ضغط ما، مع داعية من دعاتها عند الناس، قدمت الدعوة، وسُكِتَ عن الداعية، مهما كان موقف الناس منه، إذ الغاية هداية الناس إلى الحق، وليس التعلق بزيد أو عمرو.
وقد يقال: هذا خيال، إذ لا تعارض بين الدعوة ودعاتها عند الناس، قلت: نعم، هذا خيال عند من درس في الجامعات، ومارس الدعوة وراء المكاتب، وعلى السطور، ولم يمارسها في واقع الناس.
ففي بعض البلدان: يكرهون الإمامين ابن تيمية، وابن عبد الوهاب، وغيرهما رحمهم الله، أشد من كراهية اليهود والنصارى والمجوس، بل يلعنونهم على المنابر، والعياذ بالله.
فليس من الحكمة -في مثل هذه الحال- أن يبدأ الداعية بالدعوة إلى الإمام ابن تيمية ومؤلفاته، أو المجدد محمد بن الوهاب وكتبه، أو الدفاع عنهما، فهذا في الغالب سيصدهم عن الحق.
بل يُكتفى بالدعوة إلى الكتاب وتفسيره، والسنة وشرحها، وتنسب الطريقة أو المنهج إلى الصحابة، أو الأئمة الأربعة، أو السلف جميعاً، فيكون ذلك أوقع في نفوس المسلمين، وأدعى إلى قبول الدعوة.
ومن المعلوم أن الدعوة السلفية ليست كالدعوات الأخرى، التي تعتمد على رجالها وأساليبهم وحماسهم، أو على كراماتهم ومناماتهم وكشوفاتهم، فإذا زال الرجال عندهم، زالت الدعوة.
بل الدعوة السلفية: تعتمد على البرهان والاتباع، لا على التقليد والرجال؛ لأن رجالها لم يأتوا بشيء جديد، ولن يأتوا، فديننا: دين علم ودليل، لا دين رأي وتزيين.
وديننا: دين أثر واتباع، لا دين هوى وابتداع، ولأن يهتدي الناس إلى الحق، ويعتقدون ما يعتقدون في ابن تيمية، وابن عبد الوهاب، خير من أن يصدوا عن الحق كله.