وعلى هذا: فلا يحل لمسلم أن يطلق القول على طائفة من المسلمين، أنهم شر من اليهود والنصارى.
إذ مهما يكن المسلم عليه من فسق أو بدعة أو ضلال، فهو في عداد الموحدين الناجين يوم القيامة، ومهما يكن الكافر على خلق، وبعد عن أذى المسلمين، بل وعونهم، فهو ملعون في الدنيا ويوم القيامة، وخالد في النار أبداً، ولا منزلة بين المنزلتين.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى (٤/ ٢١): "إذ التسوية بين المؤمن والمنافق، والمسلم والكافر، أعظم الظلم".
قلت: وما صدر عن بعض العلماء من قول يخالف هذه النصوص القطعية، فيحمل على معنى خاص، كقول بعضهم:"الخوارج شر على المسلمين من اليهود والنصارى" أي: أنه أصاب المسلمين من أذى الخوارج في ذلك العهد، أكثر مما أصابهم من اليهود والنصارى، لا بمعنى أن المبتدعة: هم شر من اليهود والنصارى بإطلاق، أو هم عند الله كذلك، إذ لو كانوا شراً منهم بإطلاق لكانوا كفاراً، ولم يدخلوا الجنة، بل خلدوا في النار.
ولقد نطق بمثل هذه العمومات من الألفاظ في عصرنا، من أراد الإنكار على أهل البدع، فوقع في مخالفة الشرع، وفيما هو معلوم من الدين بالضرورة (١).
(١) كان الدافع لتحرير هذا الباب، ما سمعته من بعضهم: (أن الحزبيين شر من اليهود والنصارى)، وقول آخرين: (إن الأشاعرة شر من اليهود والنصارى) فقلت له: أو ترى أن النووي والعسقلاني والعراقي رحمهم الله -إن كانوا أشاعرة- شر من ريغان وبيجن؟ ! فقال: (هكذا قال شيخنا)، فقفَّ شعري مما قال، واستغربت ممن ينفي التقليد لأئمة أعلام، ثم يقلد من هو دونهم وفي ضلال .. هذا إن كان أحد من الشيوخ ممن له عقل يقول بهذا .. فهؤلاء لم يفرقوا بين القول ((هم شر من اليهود)) وبين القول ((شر على المسلمين من اليهود)) فنعوذ بالله ممن يقرأ ولا يفقه، وينقل ولا يفهم.