للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان عمر بن عبد العزيز إذا سئل عن الفتنة يجيب: "أولئك قوم طهر الله يدي من دمائهم، فأحب أن أطهر لساني من أعراضهم"

الخامس: يحرم نقل الأخبار بين المتنازعين، لإسعار الخلاف، وإثارة الفتن، بل هو من الكبائر؛ لما فيه من إفساد للقلوب، وقطيعة لذات بين المسلمين، وإشغال للعباد عما ينفعهم، بل ينبغي نقل الأخبار الطيبة بين المتنازعين ولو كذباً.

السادس: وجوب الوقوف مع المظلوم ضد الظالم، ومع المعتدى عليه ضد المعتدي والباغي، ولو كان قريباً أو وجيهاً، ولا يجوز تقديم المصالح الشخصية على حكم الله - عز وجل - في الوقوف ضد الباغي.

قال تعالى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ... } [الحجرات: ٢٩].

وليس المطلوب القتال الفعلي فقط في كل نزاع، بل قد يكون قتالاً معنوياً، كالنصيحة والمقاطعة والفضيحة.

ولما كان في إنهاء التنازع خير كبير على المسلمين، كان الساعي في طلب التحاكم والصلح بين الناس له أجر عظيم إن أخلص النية، وأحسن الفعل:

قال تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: (١١٤)].

واعلم أن هذه القواعد عامة في كل تنازع، وفي كل صلح، سواء كان في طلاق، أو نكاح، أو في دنيا أو آخرة، أو في عقيدة أو منهج، والله نسأل أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يوحد صفوفهم، ويعلي كلمتهم، إنه أهل ذلك والقادر عليه.

<<  <   >  >>