للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجل يريد صرفهم عن ذلك إلى الاشتغال بالعلم النافع، والعمل الخالص، والدعوة المباركة، هل يستويان مثلاً! الحمد لله الذي وفقنا للإصلاح والتربية، وجعل بعضهم مشغولاً بغيره عن نفسه.

إذا تبين لك معنى هذه القاعدة: (إذا حكمت حوكمت، وإذا تعلمت هديت، وإذا دعوت أجرت) وتبين لك ثمارها، عرفت سر انحراف كثير من الشباب، وعرفت خطأ من عارضها، وأدركت دركة فهم من قال: (هذه قاعدة خبيثة) وأدركت قدر خلقه.

فإن القاعدة لا تقول: (من حكم حُكِم عليه) أو (من حكم أثم) كما حرفها بعضهم (١)،

والقاعدة لم تمنع الحكم بإطلاق، فلم تقل القاعدة (لا تحكموا ومن حكم ضل) أو (من حكم ابتدع) وإنما تحذر من مغبة التسرع في الحكم، وتنبه من يحكم على الناس، أن أمامه محكمة عند الله، لكي يرتدع إن لم يكن أهلاً لذلك، ويتريث إن كان أهلاً لذلك.


(١) حرّف بعضهم هذه القاعدة، وجعلها ((مَن حَكَم حُكِم عليه))، ثم عرضها على أحد العلماء الأفاضل، فأجاب الفاضل ((هذه مداهنة))، ثم جعل هذه الإجابة التي هي لقاعدته المزورة إجابة عن قاعدتنا، ثم نسبها لنا زوراً وبهتاناً، ولو عرضت علي هذه القاعدة المزورة، لأجبت بأنها باطلة، ولكن قاعدتنا ((إذا حكمت حوكمت)) شيء، وقاعدة المزور ((من حكم حُكِمَ عليه)) شيء آخر، وهو إما حرّف خبثاً، وإما حرّف جهلاً بالمعنى، فلم يفرق بين ((حوكم))، وبين ((حكم عليه))، وبينهما فرق لا يدركه المتعالمون، قد أجبنا عنه في الرد على الشيخ ربيع، وخلاصته: أن معنى حوكم: أي معرَّض للمساءلة .. ولا يلزم من ذلك أنه مخطئ، بله مؤاخذ. فقد يكون كذلك وقد لا يكون، حسب التفصيل في المتن، وأما معنى حكم عليه: أي أنه مخطئ. وأنه مؤاخذ بل آثم، وعدم الفهم بلية لا تقل عن الخبث .. لأن فيها تعالماً وتعدياً وافتراءً، والظاهر أنه حرّف ذلك خبثاً، لأن كل ما عرضه على الشيخ الفاضل محرّف، ومن ذلك ما نسبه لنا زوراً القول أنه: ((لا علاقة للنية بالعمل)) وإنما نقول: لا علاقة للنية في تصحيح العمل، أي: إن حسن النية لا يصلح العمل الفاسد، ومن أراد أن يتثبت من كذب هؤلاء، فليرجع إلى كتاب ((واقعنا المؤلم)) ليرى بأم عينه كيف حرف هذا الظالم كلامي -ولا أقول الخبيث كما يصفون بذلك مخالفهم- فهل التحريف من أخلاق السلفيين؟ أم من أخلاق اليهود .. ؟ ! ؟ {يحرفون الكلم عن مواضعه}، وعلى كل حال. نعوذ بالله من قلة الفهم، ومن تحريف الكلم عن مواضعه ..

<<  <   >  >>